( حدثنا   قتيبة بن سعيد  وأحمد بن عبدة هو الضبي  ، والمعنى ) أي : مؤدى التحديثين ( واحد قالا حدثنا   حماد بن زيد  عن  سلم     ) بفتح فسكون ( العلوي ) بفتح أولهما ( عن   أنس بن مالك  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ) أي : الشأن ( كان عنده ) أي : عند النبي ( - عليه السلام - رجل به أثر صفرة ) أي : من طيب أو زعفران ( قال ) أي :  أنس     ( وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : غالبا من عادته ( لا يكاد يواجه أحدا ) وهذا لتضمنه نفي القرب من المواجهة أبلغ من " لا يواجه أحدا " ، فالمعنى : لا يقرب من أن يقابل أحدا ( بشيء ) أي : بأمر أو نهي ( يكرهه ) أي : يكره أحد ذلك الشيء ، والمواجهة : المقابلة .  
وقيدنا بغالب عادته ؛ لئلا ينافيه ما ثبت عن   عبد الله بن عمرو بن العاص  قال  رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين فقال : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما ، وفي رواية : قلت أغسلهما قال بل احرقهما ، ولعل الأمر بالحرق محمول على الزجر ، وهو دليل لما عليه أكثر العلماء من  تحريم المعصفر      ( فلما قال للقوم ) أي : لأصحابه الحاضرين في المجلس ( لو قلتم له يدع ) أي : يترك ( هذه الصفرة ) ولو للتمني أو للشرط ، وجوابه محذوف ، مثل أن يقال لكان أحسن والأظهر أن الحديث الأول محمول على الأمر المحرم ، وهذا على الشيء المكروه إذ وجود أثر صفرة من غير قصد التشبه بالنساء مكروه ، وإلا فلو كان محرما لم يؤخر - صلى الله عليه وسلم - أمره بتركه إلى مفارقته المجلس .  
وأما قول بعضهم إنما كره الصفرة      [ ص: 194 ] لأنه علامة لليهود ومخصوصة بهم فليس في محله ؛ لأن جعل الصفرة علامة لهم إنما حدث في بعض البلادكمصر   منذ زمن قريب ففي الأوائل  لجلال الدين السيوطي     :  أول من أمر بتغير أهل الذمة زيهم إمام المتوكل      .  
وفي السكردان  لابن أبي حجلة     : لبس النصارى العمائم الزرق ، واليهود العمائم الصفر ،  والسامرة   وهم طائفة من اليهود العمائم الحمر سنة سبعمائة ، وسبب ذلك أنه كان مغربيا جالسا بباب القلعة عند  بيبرس الجاشنكير  فحضر بعض كتاب النصارى بعمامة بيضاء ، فقام له  المغربي  وتوهم أنه مسلم ثم ظهر أنه نصراني فدخل للسلطان الملك الناصر  محمد بن قلاوون  ، وفاوضه في تغيير زي أهل الذمة ؛ ليمتاز المسلمون عنهم فأجابه لذلك .  
				
						
						
