الفصل الثالث : في  المواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على النبي      - صلى الله عليه وسلم -  
ويرغب من ذلك في تشهد الصلاة كما قدمناه ، وذلك بعد التشهد ، وقبل الدعاء :  
[ حدثنا  القاضي أبو علي  رحمه الله بقراءتي عليه : حدثنا  الإمام أبو القاسم البلخي  ، قال : حدثنا  الفارسي  ، عن   أبي القاسم الخزاعي  ، عن  أبي الهيثم بن كليب  ، عن  أبي عيسى الحافظ  ، قال : حدثنا   محمود بن غيلان  ، حدثنا   عبد الله بن يزيد المقرئ  ، حدثنا  حيوة بن شريح  ، حدثني  أبو هانئ الخولاني  أن  عمرو بن مالك الجنبي  ، أخبره أنه سمع   فضالة بن عبيد  يقول :  سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو في صلاته ، فلم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : عجل هذا . ثم دعاه ، فقال له ، ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله ، والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ليدع بعد بما شاء     .  
ويروى من غير هذا السند بتمجيد الله ، وهو أصح .  
وعن   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - ، قال : الدعاء ، والصلاة معلق بين السماء ، والأرض ، فلا يصعد إلى الله منه شيء حتى يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم     - .  
وعن  علي  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعناه ، وعن  علي     : وعلى آل  محمد      .  
وروي أن الدعاء محجوب حتى يصلي الداعي على النبي - صلى الله عليه وسلم - .  
 [ ص: 426 ] وعن   ابن مسعود     : إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ بمدحه ، والثناء عليه بما هو أهله ، ثم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ليسأل ، فإنه أجدر أن ينجح     .  
وعن  جابر     - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  لا تجعلوني كقدح الراكب ، فإن الراكب يملأ قدحه ثم يضعه ، ويرفع متاعه ، فإن احتاج إلى شراب شربه ، أو الوضوء توضأ ، وإلا هراقه ، ولكن اجعلوني في أول الدعاء ، وأوسطه ، وآخره     .  
وقال  ابن عطاء     : للدعاء أركان وأجنحة ، وأسباب ، وأوقات ، فإن وافق أركانه قوي ، وإن وافق أجنحته طار في السماء ، وإن وافق مواقيته فاز ، وإن وافق أسبابه أنجح ، فأركانه حضور القلب ، والرقة ، والاستكانة ، والخشوع ، وتعلق القلب بالله ، وقطعه من الأسباب ، وأجنحته الصدق ، ومواقيته الأسحار ، وأسبابه الصلاة على  محمد      - صلى الله عليه وسلم - .  
وفي الحديث :  الدعاء بين الصلاتين لا يرد     .  
وفي حديث آخر :  كل دعاء محجوب دون السماء ، فإذا جاءت الصلاة علي صعد الدعاء     .  
وفي  دعاء   ابن عباس  الذي رواه عنه   حنش  ، فقال في آخره : واستجب دعائي ، ثم تبدأ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتقول : اللهم إني أسألك أن تصلي على  محمد   عبدك ، ونبيك ، ورسولك أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين آمين     .  
ومن مواطن الصلاة عليه عند ذكره ، وسماع اسمه ، أو كتابته ، أو عند الأذان .  
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :  رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي     .  
 [ ص: 427 ] وكره  ابن حبيب  ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح .  
وكره   سحنون  الصلاة عليه عند التعجب ، وقال : لا يصلى عليه إلا على طريق الاحتساب ، وطلب الثواب .  
قال  أصبغ  ،  عن  ابن القاسم     : موطنان لا يذكر فيهما إلا الله : الذبيحة ، والعطاس ، فلا تقل فيهما بعد ذكر الله :  محمد   رسول الله صلى الله عليه وسلم     . ولو قال بعد ذكر الله : صلى الله على  محمد   لم يكن تسمية له مع الله .  
وقاله  أشهب  ، قال : ولا ينبغي أن تجعل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه استنانا .  
وروى   النسائي  ، عن  أوس بن أوس  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : الأمر بالإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة .  
ومن مواطن الصلاة ، والسلام دخول المسجد .  
قال   أبو إسحاق بن شعبان     : وينبغي لمن دخل المسجد أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى آله ، ويترحم عليه ، وعلى آله ، ويبارك عليه ، وعلى آله ، ويسلم تسليما ، ويقول : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك .  
وإذا خرج فعل مثل ذلك ، وجعل موضع رحمتك " فضلك " .  
وقال   عمرو بن دينار  في قوله - تعالى - :  فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم      [ النور : 61 ]      [ ص: 428 ] قال : إن لم يكن في البيت أحد فقل : السلام على النبي ، ورحمة الله ، وبركاته ، السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين . السلام على أهل البيت ، ورحمة الله ، وبركاته     .  
قال : قال   ابن عباس     : المراد بالبيوت هنا المساجد .  
وقال  النخعي     : إذا لم يكن في المسجد أحد فقل : السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا لم يكن في البيت أحد فقل : السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين .  
وعن  علقمة     : إذا دخلت المسجد أقول : السلام عليك أيها النبي ، ورحمة الله ، وبركاته ، صلى الله ، وملائكته على  محمد      . ونحوه عن  كعب     : إذا دخل ، وإذا خرج ، ولم يذكر الصلاة .  
واحتج   ابن شعبان  لما ذكره بحديث   فاطمة بنت رسول الله     - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله إذا دخل المسجد .  
ومثله عن   أبي بكر بن عمرو بن حزم     . وذكر السلام ، والرحمة .  
وقد ذكرنا هذا الحديث آخر القسم ، والاختلاف في ألفاظه .  
ومن مواطن الصلاة عليه أيضا الصلاة على الجنائز .  
وذكر عن  أبي أمامة  أنها من السنة .  
ومن مواطن الصلاة التي مضى عليها عمل الأمة ، ولم تنكرها : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وآله في الرسائل ، وما يكتب بعد البسملة ، ولم يكن هذا في الصدر الأول ، وأحدث عند ولاية  بني هاشم   ، فمضى به عمل الناس في أقطار الأرض .  
ومنهم من يختم به أيضا الكتب .  
وقال - صلى الله عليه وسلم - :  من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب     .  
ومن مواطن السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - تشهد الصلاة .  
حدثنا  أبو القاسم خلف بن إبراهيم المقرئ الخطيب     - رحمه الله - ، وغيره قال : حدثتني  كريمة   [ ص: 429 ] بنت محمد  ، قالت : حدثنا  أبو الهيثم  ، حدثنا  محمد بن يوسف  ، حدثنا   محمد بن إسماعيل  ، حدثنا  أبو نعيم  ، حدثنا   الأعمش  ، عن   شقيق بن سلمة  ، عن   عبد الله بن مسعود  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :  إذا صلى أحدكم فليقل : التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ، ورحمة الله ، وبركاته . السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين ، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض     .  
هذا أحد مواطن التسليم عليه ، وسنته أول التشهد .  
وقد روى  مالك  عن   ابن عمر  أنه كان يقول ذلك إذا فرغ من تشهده ، وأراد أن يسلم .  
واستحب  مالك  في المبسوط أن يسلم بمثل ذلك قبل السلام .  
قال  محمد بن مسلمة     : أراد ما جاء  عن  عائشة  ،   وابن عمر  أنهما كانا يقولان عند سلامهما : السلام عليك أيها النبي ، ورحمة الله ، وبركاته . السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين . السلام عليكم     .  
واستحب أهل العلم أن ينوي الإنسان حين سلامه كل عبد صالح في السماء والأرض من الملائكة وبني آدم والجن .  
قال  مالك  في المجموعة : وأحب للمأموم إذا سلم إمامه أن يقول : السلام على النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . السلام عليكم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					