الفصل الرابع
وأما ما ورد عن السلف ، والأئمة من اتباع سنته ، والاقتداء بهديه ، وسيرته
فحدثنا الشيخ الفقيه سماعا عليه ، قال : حدثنا أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد أبو عمر الحافظ ، حدثنا ، حدثنا سعيد بن نصر ، قاسم بن أصبغ ، قالا : حدثنا ووهب بن مسرة ، حدثنا محمد بن وضاح يحيى بن يحيى ، حدثنا مالك ، عن ، عن رجل من ابن شهاب آل خالد بن أسيد أنه سأل عبد الله بن عمر ، فقال : يا أبا عبد الرحمن إنا نجد صلاة الخوف وصلاة [ ص: 375 ] الحضر في القرآن ، ولا نجد صلاة السفر . فقال : يا ابن أخي ، إن الله بعث إلينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، ولا نعلم شيئا ، فإنما نفعل كما رأيناه يفعل . ابن عمر
وقال : سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وولاة الأمر بعده سننا ، الأخذ بها تصديق بكتاب الله ، واستعمال بطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ، ولا تبديلها ، ولا النظر في رأي من خالفها ، من اقتدى بها فهو مهتد ، ومن انتصر بها منصور ، ومن خالفها ، واتبع غير سبيل المؤمنين ، ولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم ، وساءت مصيرا . عمر بن عبد العزيز
وقال : عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة . الحسن بن أبي الحسن
وقال : بلغنا عن رجال من أهل العلم قالوا : الاعتصام بالسنة نجاة . ابن شهاب
وكتب إلى عماله بتعلم السنة ، والفرائض ، واللحن ، أي اللغة ، وقال : إن ناسا يجادلونكم يعني بالقرآن فخذوهم بالسنن ، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله . عمر بن الخطاب
وفي خبره حين صلى بذي الحليفة ركعتين ، فقال : . أصنع كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع
وعن علي حين صلى ، فقال له عثمان : ترى أني أنهى الناس عنه ، وتفعله ! قال : لم أكن أدع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد من الناس .
وعنه : ألا إني لست بنبي ، ولا يوحى إلي ، ولكني أعمل بكتاب الله ، وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ما استطعت .
وكان يقول : القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة . ابن مسعود
[ ص: 376 ] وقال : صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر . ابن عمر
وقال : عليكم بالسبيل والسنة ، فإنه ما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ذكر الله في نفسه ففاضت عيناه من خشية ربه ، فيعذبه الله أبدا ، وما على الأرض من عبد على السبيل ، والسنة ذكر الله في نفسه فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها ، فهي كذلك إذا أصابتها ريح شديدة ، فتحات عنها ورقها إلا حط الله خطاياه كما تحات عن الشجرة ورقها ، فإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل ، وسنة ، وموافقة بدعة ، وانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا واقتصادا أن يكون على منهاج الأنبياء وسنتهم . أبي بن كعب
وكتب بعض عمال إلى عمر بن عبد العزيز عمر بحال بلده ، وكثرة لصوصه ، هل يأخذهم بالظنة أو يحملهم على البينة ، وما جرت عليه السنة ؟
فكتب إليه عمر : خذهم بالبينة ، وما جرت عليه السنة ، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله .
وعن عطاء في قوله : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [ النساء : 59 ] : أي إلى كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال : ليس في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا اتباعها . الشافعي
عمر ، ونظر إلى الحجر الأسود : إنك حجر لا تنفع ولا تضر ، ولولا أني رأيت [ ص: 377 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك ، ثم قبله . وقال
ورئي عبد الله بن عمر يدير ناقته في مكان فسئل عنه ، فقال : لا أدري إلا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله ، ففعلته .
وقال : من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ، ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة . أبو عثمان الحيري
وقال سهل التستري : أصول مذهبنا ثلاثة : الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأخلاق ، والأفعال ، والأكل من الحلال ، وإخلاص النية في جميع الأعمال .
وجاء في تفسير قوله - تعالى - : والعمل الصالح يرفعه [ فاطر : 10 ] إنه الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وحكي عن : قال : كنت يوما مع جماعة تجردوا ، ودخلوا الماء ، فاستعملت الحديث أحمد بن حنبل ولم أتجرد ، فرأيت تلك الليلة قائلا لي : يا من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر أحمد ، أبشر ، فإن الله قد غفر لك باستعمالك السنة ، وجعلك إماما يقتدى بك .
قلت : من أنت ؟ قال : جبريل .