الفصل الرابع : في سيرة السلف في تعظيم رواية حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وسنته
[ حدثنا الحسين بن محمد الحافظ ، حدثنا ، حدثنا أبو الفضل بن خيرون ، وغيره ، حدثنا أبو بكر البرقاني ، حدثنا أبو الحسن الدارقطني ، حدثنا علي بن مبشر ، حدثنا أحمد بن سنان القطان ، حدثنا يزيد بن هارون المسعودي ، عن مسلم البطين ، عن عمرو بن ميمون ، قال : اختلفت إلى سنة ، فما ] سمعته يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أنه حدث يوما فجرى على لسانه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم علاه كرب ، حتى رأيت العرق يتحدر عن جبهته ، ثم قال : هكذا إن شاء الله ، أو فوق ذا ، أو ما دون ذا ، أو ما هو قريب من ذا . ابن مسعود
وفي رواية : فتربد وجهه .
وفي رواية : وقد تغرغرت عيناه ، وانتفخت أوداجه .
وقال إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري قاضي المدينة : مر مالك بن أنس على أبي حازم ، وهو يحدث ، فجازه ، وقال : إني لم أجد موضعا أجلس فيه ، فكرهت أن آخذ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنا قائم .
[ ص: 404 ] وقال مالك : جاء رجل إلى ، فسأله عن حديث ، وهو مضطجع ، فجلس ، وحدثه ، فقال له الرجل : وددت أنك لم تتعن ، فقال : إني كرهت أن أحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنا مضطجع . ابن المسيب
وروي عن محمد بن سيرين أنه قد يكون يضحك ، فإذا ذكر عنده حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - خشع .
وقال أبو مصعب : كان لا يحدث بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو على وضوء ، إجلالا له . مالك بن أنس
وحكى مالك ذلك عن . جعفر بن محمد
وقال : كان مصعب بن عبد الله إذا حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ، وتهيأ ، ولبس ثيابه ، ثم يحدث . مالك بن أنس
قال مصعب : فسئل عن ذلك ، فقال : إنه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال مطرف : كان إذا أتى الناس مالكا خرجت إليهم الجارية فتقول لهم : يقول لكم الشيخ : تريدون الحديث أو المسائل ؟ فإن قالوا : المسائل خرج إليهم ، وإن قالوا : الحديث دخل مغتسله ، واغتسل ، وتطيب ، ولبس ثيابا جددا ، ولبس ساجه ، وتعمم ، ووضع على رأسه رداء ، وتلقى له منصة ، فيخرج فيجلس عليها ، وعليه الخشوع ، ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال غيره : ولم يكن يجلس على تلك المنصة إلا إذا حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال : فقيل ابن أبي أويس لمالك في ذلك ، فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أحدث به إلا عن طهارة متمكنا .
قال : وكان يكره أن يحدث في الطريق ، أو وهو قائم ، أو مستعجل . وقال : أحب أن أفهم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 405 ] [ قال ضرار بن مرة : كانوا يكرهون أن يحدثوا على غير وضوء .
ونحوه عن قتادة .
وكان إذا حدث ، وهو على غير وضوء تيمم . الأعمش
قال : كنت عند عبد الله بن المبارك مالك ، وهو يحدثنا ، فلدغته عقرب ست عشرة مرة ، وهو يتغير لونه ، ويصفر ، ولا يقطع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فلما فرغ من المجلس ، وتفرق الناس عنه قلت له : يا أبا عبد الله ، لقد رأيت اليوم منك عجبا . قال : نعم ، لدغتني عقرب ست عشرة مرة ، وأنا صابر في جميع ذلك ، وإنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال : مشيت يوما مع ابن مهدي مالك إلى العقيق ، فسألته عن حديث ، فانتهرني ، وقال لي : كنت في عيني أجل من أن تسأل عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونحن نمشي .
وسأله القاضي عن حديث ، وهو قائم ، فأمر بحبسه ، فقيل له : إنه قاض . قال : القاضي أحق من أدب . جرير بن عبد الحميد
وذكر أن هشام بن هشام بن الغازي سأل مالكا عن حديث ، وهو واقف فضربه عشرين سوطا ، ثم أشفق عليه ، فحدثه عشرين حديثا ، فقال هشام : وددت لو زادني سياطا ، ويزيدني حديثا .
قال عبد الله بن صالح : كان مالك ، والليث لا يكتبان الحديث إلا وهما طاهران .
[ ص: 406 ] وكان قتادة يستحب ألا يقرأ أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على وضوء ، ولا يحدث إلا على طهارة .
وكان إذا أراد أن يحدث ، وهو على غير وضوء تيمم . الأعمش