ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة التواضع
قال الله تعالى : وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا أي سكينة ووقارا متواضعين ، غير أشرين ، ولا مرحين ولا متكبرين . قال الحسن : علماء حلماء . وقال : أصحاب وقار وعفة لا يسفهون . وإن سفه عليهم حلموا . محمد بن الحنفية
والهون بالفتح في اللغة : الرفق واللين . والهون بالضم : الهوان . فالمفتوح منه : صفة أهل الإيمان . والمضموم : صفة أهل الكفران . وجزاؤهم من الله النيران .
وقال تعالى : ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين .
لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة على تضمينا لمعاني هذه الأفعال . فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل . وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول ، فالمؤمن ذلول . كما في الحديث المؤمن كالجمل الذلول . والمنافق [ ص: 311 ] والفاسق ذليل أشد العشق : الكذاب . والنمام . والبخيل . والجبار . وأربعة يعشقهم الذل
وقوله : أعزة على الكافرين هو من عزة القوة والمنعة والغلبة . قال عطاء رضي الله عنه : للمؤمنين كالوالد لولده . وعلى الكافرين كالسبع على فريسته . كما قال في الآية الأخرى أشداء على الكفار رحماء بينهم وهذا عكس حال من قيل فيهم :
كبرا علينا ، وجبنا عن عدوكم لبئست الخلتان : الكبر ، والجبن
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . إن الله أوحى إلي : أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد . ولا يبغي أحد على أحدوفي صحيح مسلم عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود . لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر
وفي الصحيحين مرفوعا . ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر
وفي حديث احتجاج الجنة والنار . وهو في الصحيح . أن النار قالت : ما لي لا يدخلني إلا الجبارون ، [ ص: 312 ] والمتكبرون ؟ وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد وعن رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . يقول الله عز وجل : العزة إزاري . والكبرياء ردائي . فمن نازعني عذبته
وفي جامع الترمذي مرفوعا عن رضي الله عنه : سلمة بن الأكوع . لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في ديوان الجبارين . فيصيبه ما أصابهم
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر على الصبيان فيسلم عليهم .
وكانت الأمة تأخذ بيده صلى الله عليه وسلم . فتنطلق به حيث شاءت .
. وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل لعق أصابعه الثلاث
. وكان صلى الله عليه وسلم يكون في بيته في خدمة أهله ، ولم يكن ينتقم لنفسه قط
[ ص: 313 ] وكان صلى الله عليه وسلم . يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويحلب الشاة لأهله ، ويعلف البعير ويأكل مع الخادم . ويجالس المساكين ، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما ، ويبدأ من لقيه بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه . ولو إلى أيسر شيء
وكان صلى الله عليه وسلم هين المؤنة ، لين الخلق . كريم الطبع . جميل المعاشرة . طلق الوجه بساما ، متواضعا من غير ذلة ، جوادا من غير سرف ، رقيق القلب رحيما بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين ، لين الجانب لهم .
وقال صلى الله عليه وسلم رواه ألا أخبركم بمن يحرم على النار - أو تحرم عليه النار - تحرم على كل قريب هين لين سهل الترمذي . وقال : حديث حسن .
وقال : رواه لو دعيت إلى ذراع - أو كراع - لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع - أو كراع - لقبلت . البخاري
[ ص: 314 ] وكان صلى الله عليه وسلم . يعود المريض . ويشهد الجنازة . ويركب الحمار ، ويجيب دعوة العبد
قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف من ليف . وكان يوم