قال : : معرفة العزم على التخلص من العزم . ثم الخلاص من [ ص: 344 ] تكاليف ترك العزم . فإن العزائم لم تورث أربابها ميراثا أكرم من وقوفهم على علل العزائم . الدرجة الثالثة
هي نسبته إلى نفسه . فإذا عرف أن العزم مجرد فضل الله وإيثاره وتوفيقه ، وأنه ليس من العبد : فنسبته إياه بعد ذلك إلى نفسه علة قادحة فيه . فإذا لاح له لائح الكشف . وشهد توحيد الفضل ، علم حينئذ علة عزمه . وهو نسبته إياه إلى نفسه ، ورؤيته له . فإذا عرف هذه العلة عزم على التخلص منها بالعزم على التخلص من العزم . معرفة علة العزم
وهذا قد يسبق منه إلى الذهن تناقض وتدافع . فكيف يتخلص من العزم بالعزم ؟ .
ومراده : أن يعزم على التخلص من العزم المنسوب إليه بالعزم الذي هو مجرد فضل الله وموهبته . ولا تناقض حينئذ . فيتخلص من العزم بالعزم ، كما ينازع القدر بالقدر .
وأما . الخلاص من ترك تكاليف العزم
فهو أنه إذا تخلص من هذا العزم وتركه : بقيت عليه بقية . وهي رؤيته أنه قد ترك . فعليه التخلص من رؤية هذا الترك . فهو يطلب الآن الخلاص من رؤية ترك العزم . كما كان يطلب ترك العزم .
قوله : فإن العزائم لم تورث أربابها ميراثا أكرم من وقوفهم على علل العزائم .
. مدار علل العزائم : على ثلاثة أشياء
أحدها : فتورها وضعفها .
الثاني : عدم تجردها من الأغراض وشوائب الحظوظ .
الثالث : رؤية العزائم وشهودها ، ونسبتها إلى أنفسهم .
فإذا عرف هذه الثلاثة : عرف علل العزائم .
والله المستعان . وهو سبحانه وتعالى أعلم .