فصل منزلة الغنى
ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين العالي . منزلة الغنى
وهو نوعان : غنى بالله ، وغنى عن غير الله ، وهما حقيقة الفقر . ولكن أرباب الطريق أفردوا للغنى منزلة .
قال صاحب " المنازل " رحمه الله : باب الغنى . قال الله تعالى : ووجدك عائلا فأغنى .
وفي الآية ثلاثة أقوال :
أحدهما : أنه أغناه من المال بعد فقره : وهذا قول أكثر المفسرين . لأنه قابله بقوله : عائلا ، والعائل : هو المحتاج . ليس ذا العيلة . فأغناه من المال .
[ ص: 420 ] والثاني : أنه أرضاه بما أعطاه . وأغناه به عن سواه . فهو غنى قلب ونفس ، لا غنى مال . وهو حقيقة الغنى .
والثالث : - وهو الصحيح - أنه يعم النوعين : نوعي الغنى ؛ فأغنى قلبه به . وأغناه من المال .
ثم قال : الغنى اسم للملك التام .
يعني أنه من كان مالكا من وجه دون وجه فليس بغني . وعلى هذا : فلا يستحق اسم الغني بالحقيقة إلا الله . وكل ما سواه فقير إليه بالذات .