فصل
قال صاحب " المنازل " رحمه الله :
الفراسة : استئناس حكم غيب
والاستئناس : استفعال من آنست كذا ، إذا رأيته . فإن أدركت بهذا الاستئناس حكم غيب : كان فراسة . وإن كان بالعين : كان رؤية . وإن كان بغيرها من المدارك : فبحسبها .
قوله : من غير استدلال بشاهده
هذا الاستدلال بالشاهد على الغائب : أمر مشترك بين البر والفاجر . والمؤمن والكافر ، كالاستدلال بالبروق والرعود على الأمطار ، وكاستدلال رؤساء البحر بالكدر الذي يبدو لهم في جانب الأفق على ريح عاصف . ونحو ذلك . وكاستدلال الطبيب بالسحنة والتفسرة على حال المريض .
ويدق ذلك حتى يبلغ إلى حد يعجز عنه أكثر الأذهان . وكما يستدل بسيرة الرجل وسيره على عاقبة أمره في الدنيا من خير أو شر . فيطابق ، أو يكاد .
فهذا خارج عن الفراسة التي تتكلم فيها هذه الطائفة . وهو نوع فراسة ، لكنها غير فراستهم . وكذلك ما علم بالتجربة من مسائل الطب والصناعات والفلاحة وغيرها . والله أعلم .