[ ص: 191 ] فصل قال صاحب المنازل :  
الاغتراب : أمر يشار به إلى الانفراد عن الأكفاء .  
يريد : أن كل من انفرد بوصف شريف دون أبناء جنسه ، فإنه غريب بينهم ؛ لعدم مشاركه أو لقلته .  
قال : وهو على ثلاث درجات ؛ الدرجة الأولى :  الغربة عن الأوطان ،   وهذا الغريب موته شهادة ، ويقاس له في قبره من مدفنه إلى وطنه ، ويجمع يوم القيامة إلى  عيسى ابن مريم   عليه السلام .  
لما كانت الغربة هي انفراد ، والانفراد إما بالجسم وإما بالقصد والحال وإما بهما كان الغريب غريب جسم ، أو غريب قلب وإرادة وحال ، أو غريبا بالاعتبارين .  
قوله : " وهذا الغريب موته شهادة " يشير به إلى الحديث الذي يروى عن   هشام بن حسان  ، عن   ابن سيرين  ، عن   أبي هريرة  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  موت الغريب شهادة  ولكن هذا الحديث لا يثبت ، وقد روي من طرق لا يصح منها شيء ، قال      [ ص: 192 ]  الإمام أحمد     : هذا حديث منكر .  
وأما قوله : " ويقاس له في قبره من مدفنه إلى وطنه " فيشير به إلى ما رواه   عبد الله بن وهب     : حدثني  حيي بن عبد الله  ، عن  أبي عبد الرحمن البجلي  ، عن   عبد الله بن عمرو  قال :  توفي رجل  بالمدينة   ممن ولد  بالمدينة   فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : ليته مات في غير مولده فقال رجل : ولم يا رسول الله ؟ فقال : إن الرجل إذا مات قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة  رواه   ابن لهيعة  ، عن  حيي  بهذا الإسناد ، وقال :  وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر رجل  بالمدينة   ، فقال : يا له لو مات غريبا ، فقيل : وما للغريب يموت بغير أرضه ؟ فقال : ما من غريب يموت بغير أرضه ، إلا قيس له من تربته إلى مولده في الجنة     .  
قوله : ويجمع يوم القيامة إلى  عيسى ابن مريم ،   يشير إلى الحديث الذي رواه   الإمام أحمد     : حدثنا   الهيثم بن جميل  ، حدثنا   محمد بن مسلم  ، حدثنا  عثمان بن عبد الله بن أوس  ، عن  سليمان بن هرمز  ، عن   عبد الله بن عمرو  قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب شيء إلى الله الغرباء . قيل : وما الغرباء يا رسول الله ؟ قال : الفرارون بدينهم يجتمعون إلى  عيسى ابن مريم   يوم القيامة     .  
				
						
						
