ولو فعليه صدقة لوجود الارتفاق بإزالة التفث ، هذا إذا حلق رأس نفسه . أخذ شيئا من رأسه أو لحيته ، أو لمس شيئا من ذلك فانتثر منه شعرة
فأما إذا حلق رأس غيره فعلى الحالق صدقة عندنا .
وقال مالك : " لا شيء على الحالق " . والشافعي
وجه قولهما : أن وجوب الجزاء لوجود الارتفاق ، ولم يوجد من الحالق ، ولنا أن المحرم كما هو ممنوع من حلق رأس نفسه ممنوع من حلق رأس غيره لقوله عز وجل { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } والإنسان لا يحلق رأس نفسه ، إلا أنه لما حرم عليه حلق رأس غيره يحرم عليه حلق رأس نفسه من طريق الأولى ، فتجب عليه الصدقة ، ولا يجب عليه الدم ، لعدم الارتفاق في حقه ، وسواء كان المحلوق حلالا أو حراما لما قلنا ، غير أنه إن كان حلالا لا شيء عليه وإن كان حراما فعليه الدم ، لحصول الارتفاق الكامل له ، وسواء كان الحلق بأمر المحلوق أو بغير أمره طائعا أو مكرها عندنا وقال : إن كان مكرها فلا شيء عليه ، وإن لم يكن مكرها لكنه سكت ففيه وجهان ، والصحيح قولنا ; لأن الإكراه لا يسلب الحظر ، وكمال الارتفاق موجود فيجب عليه كمال الجزاء ، وليس له أن يرجع به على الحالق ، وعن الشافعي القاضي أبي حازم أنه يرجع عليه بالكفارة ; لأن الحالق هو الذي أدخله في عهدة الضمان ، فكان له أن يرجع عليه كالمكره على إتلاف المال ، ولنا أن الارتفاق الكامل حصل له فلا يرجع على أحد ، إذ لو رجع لسلم له العوض والمعوض .
وهذا لا يجوز كالمغرور إذا وطئ الجارية وغرم العقر ، أنه لا يرجع به على الغار لما قلنا ، كذا هذا وإن كان الحالق حلالا فلا شيء عليه ، وحكم المحلوق ما ذكرنا .