فإن فعليه صدقة ، لكل ظفر نصف صاع في قول قلم خمسة أظافير من الأعضاء الأربعة متفرقة اليدين والرجلين ، أبي حنيفة . وأبي يوسف
وقال : عليه " دم " ، وكذلك لو قلم من كل عضو من الأعضاء الأربعة أربعة أظافير ، فعليه صدقة عندهما ، وإن كان يبلغ جملتها ستة عشر ظفرا ، ويجب في كل ظفر نصف صاع من بر ، إلا إذا بلغت قيمة الطعام دما فينقص منه ما شاء . محمد
وعند عليه دم ، محمد اعتبر عدد الخمسة لا غير ، ولم يعتبر التفرق والاجتماع ، فمحمد وأبو حنيفة اعتبرا مع عدد الخمسة صفة الاجتماع ، وهو أن يكون من محل واحد . وأبو يوسف
وجه قول : أن قلم أظافير يد واحدة ، أو رجل واحدة إنما أوجب الدم لكونها ربع الأعضاء المتفرقة ، وهذا المعنى يستوي فيه المجتمع والمتفرق ، ألا ترى أنهما استويا في الأرش بأن قطع خمسة أظافير متفرقة فكذا هذا ، ولهما أن الدم إنما يجب بارتفاق كامل ، ولا يحصل ذلك بالقلم متفرقا ; لأن ذلك شين ويصير مثلة ، فلا تجب به كفارة كاملة ، ويجب في كل ظفر نصف صاع من حنطة إلا أن تبلغ قيمة الطعام دما ينقص منه ما شاء ; لأنا إنما لم نوجب عليه الدم لعدم تناهي الجناية لعدم ارتفاق كامل ، فلا يجب أن يبلغ قيمة الدم فإن اختار الدم فله ذلك وليس عليه غيره ، فإن قلم خمسة أظافير من يد واحدة ، أو رجل واحدة ولم يكفر ، ثم قلم أظافير يده الأخرى ، أو رجله الأخرى ، فإن كان في مجلس واحد فعليه دم واحد استحسانا ، والقياس : أن يجب لكل واحد دم لما سنذكر إن شاء الله تعالى ، وإن كان في مجلسين فعليه دمان في قول محمد ، أبي حنيفة . وأبي يوسف
وقال : " عليه دم واحد ما لم يكفر للأول " وأجمعوا على أنه لو قلم خمسة أظافير من يد واحدة ، أو رجل واحدة ، وحلق ربع رأسه ، وطيب عضوا واحدا أن عليه لكل جنس دما على حدة ، سواء كان في مجلس واحد ، أو في مجالس مختلفة ، وأجمعوا في كفارة الفطر على أنه إذا جامع في اليوم الأول ، وأكل في اليوم الثاني ، وشرب في اليوم الثالث أنه إن كفر للأول فعليه كفارة أخرى ، وإن لم يكفر للأول فعليه كفارة واحدة ، محمد ، فأبو حنيفة جعلا اختلاف المجلس كاختلاف الجنس ، وأبو يوسف جعل اختلاف المجلس كاتحاده عند اتفاق الجنس ، وعلى هذا إذا قطع أظافير اليدين والرجلين أنه إن كان في مجلس واحد يكفيه دم واحد استحسانا ، والقياس : أن يجب عليه بقلم أظافير كل عضو من يد [ ص: 195 ] أو رجل دم ، وإن كان في مجلس واحد . ومحمد
وجه القياس : أن الدم إنما يجب لحصول الارتفاق الكامل ; لأن بذلك تتكامل الجناية فتتكامل الكفارة ، وقلم أظافير كل عضو ارتفاق على حدة ، فيستدعي كفارة على حدة .
ووجه الاستحسان : أن جنس الجناية واحد حظرها إحرام واحد بجهة غير متقومة ، فلا يوجب إلا دما واحدا ، كما في حلق الرأس أنه إذا حلق الربع يجب عليه دم .
ولو حلق الكل يجب عليه دم واحد لما قلنا كذا هذا ، وإن كان في مجالس مختلفة يجب لكل من ذلك كفارة في قول ، أبي حنيفة ، سواء كفر للأول أو لا ، وعند وأبي يوسف إن لم يكفر للأول فعليه كفارة واحدة . محمد
وجه قوله : أن الكفارة تجب بهتك حرمة الإحرام ، وقد انهتك حرمته بقلم أظافير العضو الأول ، وهتك المهتوك لا يتصور ، فلا يلزمه كفارة أخرى ولهذا لا يجب كفارة أخرى بالإفطار في يومين من رمضان ; لأن وجوبها بهتك حرمة الشهر جبرا لها ، وقد انهتك بإفساد الصوم في اليوم الأول ، فلا يتصور هتكا بالإفساد في اليوم الثاني والثالث ، كذا هذا ، بخلاف ما إذا كفر للأول لأنه انجبر الهتك بالكفارة وجعل كأنه لم يكن فعادت حرمة الإحرام ، فإذا هتكها تجب كفارة أخرى جبرا لها كما في كفارة رمضان ، ولهما أن كفارة الإحرام تجب بالجناية على الإحرام ، والإحرام قائم فكان كل فعل جناية على حدة على الإحرام فيستدعي كفارة على حدة ، إلا أن عند اتحاد المجلس جعلت الجنايات المتعددة حقيقة متحدة حكما ; لأن المجلس جعل في الشرع جامعا للأفعال المختلفة كما في خيار المخيرة ، وسجدة التلاوة ، والإيجاب والقبول في البيع ، وغير ذلك ، فإذا اختلف المجلس أعطى لكل جناية حكم نفسها ، فيعتبر في الحكم المتعلق بها ، بخلاف كفارة الإفطار ; لأنها ما وجبت بالجناية على الصوم بل جبرا لهتك حرمة الشهر .
وحرمة الشهر واحدة لا تتجزأ ، وقد انهتكت حرمته بالإفطار الأول ، فلا يحتمل الهتك ثانيا .
ولو قلم أظافير يد لأذى في كفه فعليه أي الكفارات شاء لما ذكرنا أن ما حظره الإحرام إذا فعله المحرم عن ضرورة وعذر فكفارته أحد الأشياء الثلاثة ، والله عز وجل أعلم .