ثم اختلف في فقال عامة العلماء يعتبر من وقت الحدث بعد اللبس ، فيمسح من وقت الحدث إلى وقت الحدث وقال بعضهم : يعتبر من وقت اللبس ، فيمسح من وقت اللبس إلى وقت اللبس . اعتبار مدة المسح أنه من أي وقت يعتبر ؟
وقال بعضهم : يعتبر من وقت المسح ، فيمسح من وقت المسح إلى وقت المسح حتى لو توضأ بعد ما انفجر الصبح ، ولبس خفيه ، وصلى الفجر ، ثم أحدث بعد طلوع الشمس ، ثم توضأ ، ومسح على خفيه بعد زوال الشمس ، فعلى قول العامة يمسح إلى ما بعد طلوع الشمس من اليوم الثاني إن كان مقيما ، وإن كان مسافرا يمسح إلى ما بعد طلوع الشمس من اليوم الرابع ، وعلى قول من اعتبر وقت اللبس ، يمسح إلى ما بعد انفجار الصبح من اليوم الثاني إن كان مقيما ، وإن كان مسافرا إلى ما بعد انفجار الصبح من اليوم الرابع ، وعلى قول من اعتبر وقت المسح يمسح إلى ما بعد زوال الشمس من اليوم الثاني إن كان مقيما .
وإن كان مسافرا يمسح إلى ما بعد زوال الشمس من اليوم الرابع ، والصحيح اعتبار وقت الحدث بعد اللبس ; لأن الخف جعل مانعا من سراية الحدث إلى القدم ، ومعنى المنع إنما يتحقق عند الحدث ، فيعتبر ابتداء المدة من هذا الوقت ; لأن هذه المدة ضربت توسعة ، وتيسيرا لتعذر نزع الخفين في كل زمان ، والحاجة إلى التوسعة عند الحدث ; لأن الحاجة إلى النزع عنده ، ولو توضأ ، ولبس خفيه ، وهو مقيم ثم سافر ، فإن سافر بعد استكمال مدة الإقامة ، لا تتحول مدته إلى مدة مسح السفر ; لأن مدة الإقامة لما تمت سرى الحدث السابق إلى القدمين ، فلو جوزنا المسح صار الخف رافعا للحدث لا مانعا ، وليس هذا عمل الخف في الشرع .
وإن سافر قبل أن يستكمل مدة الإقامة ، فإن سافر قبل الحدث ، أو بعد [ ص: 9 ] الحدث ، قبل المسح ، تحولت مدته إلى مدة السفر من وقت الحدث بالإجماع ، وإن سافر بعد المسح فكذلك عندنا ، وعند لا يتحول ، ولكنه يمسح تمام مدة الإقامة ، وينزع خفيه ، ويغسل رجليه ، ثم يبتدئ مدة السفر ، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم { الشافعي } ، ولم يفصل . يمسح المقيم يوما ، وليلة
( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم { } ، وهذا مسافر ، ولا حجة له في صدر الحديث لأنه يتناول المقيم وقد بطلت الإقامة بالسفر ، هذا إذا كان مقيما فسافر . ، والمسافر ثلاثة أيام ، ولياليها
وأما إذا كان مسافرا فأقام فإن أقام بعد استكمال مدة السفر نزع خفيه ، وغسل رجليه ، لما ذكرنا ، وإن أقام قبل أن يستكمل مدة السفر فإن أقام بعد تمام يوم ، وليلة ، أو أكثر ، فكذلك ينزع خفيه ، ويغسل رجليه ; لأنه لو مسح لمسح ، وهو مقيم أكثر من يوم ، وليلة ، وهذا لا يجوز ، وإن أقام قبل تمام يوم ، وليلة أتم يوما ، وليلة ; لأن أكثر ما في الباب أنه مقيم فيتم مدة المقيم ، ثم ما ذكرنا من تقدير مدة المسح بيوم ، وليلة في حق المقيم ، وبثلاثة أيام ، ولياليها في حق المسافر ، في حق الأصحاء .
فأما في حق أصحاب الأعذار ، كصاحب الجرح السائل ، والاستحاضة ، ومن بمثل حالهما فكذلك الجواب عند وأما عند زفر أصحابنا الثلاثة فيختلف الجواب ، إلا في حالة واحدة ، وبيان ذلك أن صاحب العذر إذا توضأ ، ولبس خفيه فهذا على أربعة أوجه : أما إن كان الدم منقطعا وقت الوضوء ، واللبس وأما إن كان سائلا في الحالين جميعا وأما إن كان منقطعا وقت الوضوء ، سائلا وقت اللبس .
وأما إن كان سائلا وقت الوضوء ، منقطعا وقت اللبس ، فإن كان منقطعا في الحالين ، فحكمه حكم الأصحاء ; لأن السيلان وجد عقيب اللبس ، فكان اللبس على طهارة كاملة ، فمنع الخف سراية الحدث إلى القدمين ما دامت المدة باقية .
وأما في الفصول الثلاثة ، فإنه يمسح ما دام الوقت باقيا ، فإذا خرج الوقت نزع خفيه ، وغسل رجليه ، عند أصحابنا الثلاثة وعند يستكمل مدة المسح كالصحيح وجه قوله أن طهارة صاحب العذر طهارة معتبرة شرعا ; لأن السيلان ملحق بالعدم ، ألا ترى أنه يجوز أداء الصلاة بها ، فحصل اللبس على طهارة كاملة ، فألحقت بطهارة الأصحاء . زفر
( ولنا ) أن السيلان ملحق بالعدم في الوقت ، بدليل أن طهارته تنتقض بالإجماع إذا خرج الوقت ، وإن لم يوجد الحدث ، فإذا مضى الوقت صار محدثا من وقت السيلان .
والسيلان كان سابقا على لبس الخف ، ومقارنا له ، فتبين أن اللبس حصل لا على الطهارة ، بخلاف الفصل الأول ; لأن السيلان ثمة وجد عقيب اللبس ، فكان اللبس حاصلا عن طهارة كاملة .