( وأما ) النوع الثاني ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=11228_11174ما يسقط به نصف المهر معنى ، والكل صورة : فهو كل طلاق تجب فيه المتعة .
فيقع الكلام في مواضع في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=11228_11229الطلاق الذي تجب فيه المتعة ، والذي تستحب فيه ، وفي تفسير المتعة ، وفي بيان من تعتبر المتعة بحاله .
أما الأول ، فالطلاق الذي تجب فيه المتعة نوعان : أحدهما أن يكون قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه ، ولا فرض بعده أو كانت التسمية فيه فاسدة ، وهذا قول عامة العلماء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا تجب المتعة ، ولكن تستحب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867فمالك لا يرى وجوب المتعة أصلا ، واحتج بأن الله سبحانه وتعالى قيد المتعة بالمتقي ، والمحسن بقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حقا على المحسنين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241حقا على المتقين } ، والواجب لا يختلف فيه المحسن ، والمتقي ، وغيرهما ، فدل أنها ليست بواجبة .
( ولنا ) قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن } ، ومطلق الأمر لوجوب العمل ، والمراد من قوله عز وجل أو تفرضوا أي : ولم تفرضوا ألا ترى أنه عطف عليه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237، وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } ، ولو كان الأول بمعنى ما لم تمسوهن ، وقد فرضوا لهن أو لم يفرضوا لما عطف عليه المفروض ، وقد تكون أو بمعنى الواو .
وقال : الله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24ولا تطع منهم آثما أو كفورا } : ولا كفورا وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } ( وعلى ) كلمة إيجاب ، وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حقا على المحسنين } وليس في ألفاظ الإيجاب كلمة أوكد من قولنا حق عليه ; لأن الحقية تقتضي الثبوت ، وعلى كلمة إلزام ، وإثبات ، فالجمع بينهما يقتضي التأكيد ، وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كما يلزمنا
[ ص: 303 ] يلزمه ; لأن المندوب إليه أيضا لا يختلف فيه المتقي ، والمحسن ، وغيرهما ، ثم نقول : الإيجاب على المحسن ، والمتقي لا ينفي الإيجاب على غيرهما ألا ترى أنه سبحانه وتعالى أخبر أن القرآن هدى للمتقين ، ثم لم ينف أن يكون هدى للناس كلهم كذا هذا ، والدليل على أن المتعة ههنا واجبة أنها بدل الواجب ، وهو نصف مهر المثل ، وبدل الواجب واجب ; لأنه يقوم مقام الواجب ، ويحكي حكايته ألا ترى أن التيمم لما كان بدلا عن الوضوء ، والوضوء واجب كان التيمم واجبا ، والدليل على أن المتعة تجب بدلا عن نصف المهر ، أن بدل الشيء ما يجب بسبب الأصل عند عدمه كالتيمم مع الوضوء ، وغير ذلك ، والمتعة بالسبب الذي يجب به مهر المثل ، وهو النكاح لا الطلاق ; لأن الطلاق مسقط للحقوق لا موجب لها لكن عند الطلاق يسقط نصف مهر المثل ، فتجب المتعة بدلا عن نصفه ، وهذا طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ، فإن الرهن بمهر المثل يكون رهنا بالمتعة عنده حتى إذا هلك تهلك المتعة .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : فإنه لا يجعله رهنا بها حتى إذا هلك الرهن يهلك بغير شيء ، والمتعة باقية عليه ، فلا يكون وجوبها بطريق البدل عنده بل يوجبها ابتداء بظواهر النصوص التي ذكرنا أو يوجبها بدلا عن البضع بالاستدلال بنصف المسمى في نكاح فيه تسمية ، والثاني أن يكون قبل الدخول في نكاح لم يسم فيه المهر ، وإنما فرض بعده ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الأخير ، وكان يقول : أولا يجب نصف المفروض كما إذا كان المهر مفروضا في العقد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، واحتجوا بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } أوجب تعالى نصف المفروض في الطلاق قبل الدخول مطلقا من غير فصل بين ما إذا كان الفرض في العقد أو بعده ; ولأن الفرض بعد العقد كالفرض في العقد .
ثم المفروض في العقد يتنصف ، فكذا المفروض بعده ، ولهما قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن } أوجب المتعة في المطلقات قبل الدخول عاما ، ثم خصت منه المطلقة قبل الدخول في نكاح فيه تسمية عند وجوده ، فبقيت المطلقة قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه عند وجوده على أصل العموم ، وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن } أي : ولم تفرضوا لهن فريضة لما ذكرنا فيما تقدم ، وهو منصرف إلى الفرض في العقد ; لأن الخطاب ينصرف إلى المتعارف ، والمتعارف هو الفرض في العقد لا متأخرا عنه ، وبه تبين أن الفرض المذكور في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } منصرف إلى المفروض في العقد ; لأنه هو المتعارف ، وبه نقول إن المفروض في العقد يتنصف بالطلاق قبل الدخول ; ولأن مهر المثل قد وجب بنفس العقد لما ذكرنا فيما تقدم ، فكان الفرض بعده تقديرا لما وجب بالعقد ، وهو مهر المثل ، ومهر المثل يسقط بالطلاق قبل الدخول ، وتجب المتعة ، فكذا ما هو بيان وتقدير له إذ هو تقدير لذلك الواجب .
وكذا الفرقة بالإيلاء ، واللعان ، والجب ، والعنة ، فكل فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه ، فتوجب المتعة ; لأنها توجب نصف المسمى في نكاح فيه تسمية ، والمتعة عوض عنه كردة الزوج ، وإباية الإسلام ، وكل فرقة جاءت من قبل المرأة ، فلا متعة لها ; لأنه لا يجب بها المهر أصلا ، فلا تجب بها المتعة .
nindex.php?page=treesubj&link=11229_11228والمخيرة إذا اختارت نفسها قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه ، فلها المتعة ; لأن الفرقة جاءت من قبل الزوج ; لأن البينونة مضافة إلى الإبانة السابقة ، وهي فعل الزوج .
( وأما ) الذي تستحب فيه المتعة ، فهو الطلاق بعد الدخول ، والطلاق قبل الدخول في نكاح فيه تسمية ، وهذا عندنا .
وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المتعة في الطلاق بعد الدخول واجبة ، واحتج بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241، وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } جعل سبحانه وتعالى للمطلقات متاعا فاللام الملك عاما إلا أنه خصصت منه المطلقة قبل الدخول في نكاح فيه تسمية ، فبقيت المطلقة قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه ، والمطلقة بعد الدخول على ظاهر العموم ، ولنا ما ذكرنا أن المتعة وجبت بالنكاح بدلا عن البضع إما بدلا عن نصف المهر أو ابتداء ، فإذا استحقت المسمى أو مهر المثل بعد الدخول ، فلو وجبت المتعة ; لأدى إلى أن يكون لملك واحد بدلان وإلى الجمع بين البدل ، والأصل في حالة واحدة ، وهذا ممتنع ; ولأن المطلقة قبل الدخول في نكاح فيه تسمية لا تجب لها المتعة بالإجماع ، فالمطلقة بعد الدخول أولى ; لأن الأولى تستحق بعض المهر
[ ص: 304 ] والثانية تستحق الكل فاستحقاق بعض المهر لما منع عن استحقاق المتعة فاستحقاق الكل أولى .
وأما الآية الكريمة ، فيحمل ذكر المتاع فيها على الندب ، والاستحباب ، ونحن به نقول إنه يندب الزوج إلى ذلك كما يندب إلى أداء المهر على الكمال في غير المدخول بها أو يحمل على النفقة والكسوة في حال قيام العدة ; ولأن كل ذلك متاع إذ المتاع اسم لما ينتفع به عملا بالدلائل كلها بقدر الإمكان ، وكل فرقة جاءت من قبل الزوج بعد الدخول تستحب فيها المتعة إلا أن يرتد أو يأبى الإسلام ; لأن الاستحباب طلب الفضيلة ، والكافر ليس من أهل الفضيلة .
( وأما ) تفسير
nindex.php?page=treesubj&link=11231المتعة الواجبة ، فقد قال أصحابنا : إنها ثلاثة أثواب درع ، وخمار ، وملحفة وهكذا روي عن
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والشعبي ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أرفع المتعة الخادم ، ثم دون ذلك الكسوة ، ثم دون ذلك النفقة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ثلاثون درهما له ما روي عن
أبي مجلز أنه قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر رضي الله عنهما أخبرني عن المتعة ، وأخبرني عن قدرها ، فإني موسر ، فقال : اكس كذا اكس كذا اكس كذا قال : فحسبت ذلك ، فوجدته قدر ثلاثين درهما ، فدل أنها مقدرة بثلاثين درهما .
( ولنا ) قوله تعالى في آية المتعة {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236متاعا بالمعروف حقا على المحسنين } ، والمتاع اسم للعروض في العرف ; ولأن لإيجاب الأثواب نظيرا في أصول الشرع ، وهو الكسوة التي تجب لها حال قيام النكاح والعدة ، وأدنى ما تكتسي به المرأة ، وتستتر به عند الخروج ثلاثة أثواب ، ولا نظير لإيجاب الثلاثين ، فكان إيجاب ما له نظير أولى ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر دليلنا ; لأنه أمره بالكسوة لا بدراهم مقدرة إلا أنه اتفق أن قيمة الكسوة بلغت ثلاثين درهما ، وهذا لا يدل على أن التقدير فيها بالثلاثين .
ولو أعطاها قيمة الأثواب دراهم ، أو دنانير تجبر على القبول ; لأن الأثواب ما وجبت لعينها بل من حيث إنها مال ، كالشاة في خمس من الإبل في باب الزكاة .
وأما بيان
nindex.php?page=treesubj&link=11231من تعتبر المتعة بحاله ، فقد اختلف العلماء فيه قال بعضهم .
: قدر المتعة يعتبر بحال الرجل في يساره ، وإعساره ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف بعضهم : تعتبر بحال المرأة في يسارها ، وإعسارها ، وقال بعضهم : تعتبر بحالهما جميعا وقال بعضهم : المتعة الواجبة تعتبر بحالها ، والمستحبة تعتبر بحاله .
( وجه ) قول من اعتبر حال الرجل قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236، ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } جعل المتعة على قدر حال الرجل في يساره ، وإعساره ( وجه ) قول من قال : باعتبار حالها أن المتعة بدل بضعها ، فيعتبر حالها ، وهذا أيضا وجه من يقول المتعة الواجبة تعتبر بحالها ، وقوله المتعة المستحبة تعتبر بحاله لا معنى له ; لأن التقدير في الواجب لا في المستحب ( وجه ) من اعتبر حالهما أن الله تعالى اعتبر في المتعة شيئين أحدهما : حال الرجل في يساره ، وإعساره بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } .
والثاني : أن يكون مع ذلك بالمعروف بقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236متاعا بالمعروف } فلو اعتبرنا فيها حال الرجل دون حالها عسى أن لا يكون بالمعروف ; لأنه يقتضي أنه
nindex.php?page=treesubj&link=11231لو تزوج رجل امرأتين إحداهما شريفة ، والأخرى مولاة دنيئة ، ثم طلقهما قبل الدخول بهما ، ولم يسم لهما أن يستويا في المتعة باعتبار حال الرجل ، وهذا منكر في عادات الناس لا معروف ، فيكون خلاف النص ، ثم المتعة الواجبة لا تزاد على نصف مهر المثل بل هو نهاية المتعة لا مزيد عليه ; لأن الحق عند التسمية آكد ، وأثبت منه عند عدم التسمية ; لأن الله تعالى أوجب المتعة على قدر احتمال ملك الزوج بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } ، فأوجب نصف المسمى مطلقا احتمله وسع الزوج ، وملكه أو لا .
وكذا في وجوب كمال مهر المثل ، وسقوطه ، ووجوب المتعة في نكاح لا تسمية فيه ، وعدم أحد الزوجين اختلاف بين العلماء ولا خلاف في وجوب كمال المسمى من ذلك في نكاح فيه تسمية دل أن الحق أوكد ، وأثبت عند التسمية ، ثم لا يزاد هناك على نصف المسمى ، فلأن لا يزاد ههنا على نصف مهر المثل أولى ; ولأن المتعة بدل عن نصف مهر المثل ، ولا يزاد البدل على الأصل ، ولا ينقص من خمسة دراهم ; لأنها تجب على طريق العوض ، وأقل عوض يثبت في النكاح نصف العشرة ، والله أعلم .
( وَأَمَّا ) النَّوْعُ الثَّانِي ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=11228_11174مَا يَسْقُطُ بِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ مَعْنًى ، وَالْكُلُّ صُورَةً : فَهُوَ كُلُّ طَلَاقٍ تَجِبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ .
فَيَقَعُ الْكَلَامُ فِي مَوَاضِعَ فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=11228_11229الطَّلَاقِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ ، وَاَلَّذِي تُسْتَحَبُّ فِيهِ ، وَفِي تَفْسِيرِ الْمُتْعَةِ ، وَفِي بَيَانِ مَنْ تُعْتَبَرُ الْمُتْعَةُ بِحَالِهِ .
أَمَّا الْأَوَّلُ ، فَالطَّلَاقُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ ، وَلَا فَرْضَ بَعْدَهُ أَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فِيهِ فَاسِدَةً ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ ، وَلَكِنْ تُسْتَحَبُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867فَمَالِكٌ لَا يَرَى وُجُوبَ الْمُتْعَةِ أَصْلًا ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَيَّدَ الْمُتْعَةَ بِالْمُتَّقِي ، وَالْمُحْسِنِ بِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } ، وَالْوَاجِبُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُحْسِنُ ، وَالْمُتَّقِي ، وَغَيْرُهُمَا ، فَدَلَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ .
( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } ، وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ تَفْرِضُوا أَيْ : وَلَمْ تَفْرِضُوا أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237، وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، وَقَدْ فَرَضُوا لَهُنَّ أَوْ لَمْ يَفْرِضُوا لَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ الْمَفْرُوضَ ، وَقَدْ تَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ .
وَقَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا } : وَلَا كَفُورًا وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } ( وَعَلَى ) كَلِمَةُ إيجَابٍ ، وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } وَلَيْسَ فِي أَلْفَاظِ الْإِيجَابِ كَلِمَةٌ أَوْكَدُ مِنْ قَوْلِنَا حَقٌّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْحَقِّيَّةَ تَقْتَضِي الثُّبُوتَ ، وَعَلَى كَلِمَةُ إلْزَامٍ ، وَإِثْبَاتٍ ، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يَقْتَضِيَ التَّأْكِيدَ ، وَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ كَمَا يَلْزَمُنَا
[ ص: 303 ] يَلْزَمُهُ ; لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ إلَيْهِ أَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُتَّقِي ، وَالْمُحْسِنُ ، وَغَيْرُهُمَا ، ثُمَّ نَقُولُ : الْإِيجَابُ عَلَى الْمُحْسِنِ ، وَالْمُتَّقِي لَا يَنْفِي الْإِيجَابَ عَلَى غَيْرِهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، ثُمَّ لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ هُدًى لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ كَذَا هَذَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ هَهُنَا وَاجِبَةٌ أَنَّهَا بَدَلُ الْوَاجِبِ ، وَهُوَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَبَدَلُ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ ; لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ ، وَيَحْكِي حِكَايَتَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ ، وَالْوُضُوءُ وَاجِبٌ كَانَ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ تَجِبُ بَدَلًا عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ ، أَنَّ بَدَلَ الشَّيْءِ مَا يَجِبُ بِسَبَبِ الْأَصْلِ عِنْدَ عَدَمِهِ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَالْمُتْعَةُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَهُوَ النِّكَاحُ لَا الطَّلَاقُ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُسْقِطٌ لِلْحُقُوقِ لَا مُوجِبٌ لَهَا لَكِنْ عِنْدَ الطَّلَاقِ يَسْقُطُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، فَتَجِبُ الْمُتْعَةُ بَدَلًا عَنْ نِصْفِهِ ، وَهَذَا طَرِيقُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ ، فَإِنَّ الرَّهْنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ عِنْدَهُ حَتَّى إذَا هَلَكَ تَهْلَكُ الْمُتْعَةُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : فَإِنَّهُ لَا يَجْعَلُهُ رَهْنًا بِهَا حَتَّى إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَالْمُتْعَةُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ ، فَلَا يَكُونُ وُجُوبُهَا بِطَرِيقِ الْبَدَلِ عِنْدَهُ بَلْ يُوجِبُهَا ابْتِدَاءً بِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَوْ يُوجِبُهَا بَدَلًا عَنْ الْبُضْعِ بِالِاسْتِدْلَالِ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَمْ يُسَمَّ فِيهِ الْمَهْرُ ، وَإِنَّمَا فُرِضَ بَعْدَهُ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرُ ، وَكَانَ يَقُولُ : أَوَّلًا يَجِبُ نِصْفُ الْمَفْرُوضَ كَمَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَفْرُوضًا فِي الْعَقْدِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } أَوْجَبَ تَعَالَى نِصْفَ الْمَفْرُوضَ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ ; وَلِأَنَّ الْفَرْضَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْفَرْضِ فِي الْعَقْدِ .
ثُمَّ الْمَفْرُوضُ فِي الْعَقْدِ يَتَنَصَّفُ ، فَكَذَا الْمَفْرُوضُ بَعْدَهُ ، وَلَهُمَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } أَوْجَبَ الْمُتْعَةَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَامًّا ، ثُمَّ خُصَّتْ مِنْهُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ عِنْدَ وُجُودِهِ ، فَبَقِيَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ عِنْدَ وُجُودِهِ عَلَى أَصْلِ الْعُمُومِ ، وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } أَيْ : وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْفَرْضِ فِي الْعَقْدِ ; لِأَنَّ الْخِطَابَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ ، وَالْمُتَعَارَفُ هُوَ الْفَرْضُ فِي الْعَقْدِ لَا مُتَأَخِّرًا عَنْهُ ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } مُنْصَرِفٌ إلَى الْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ ، وَبِهِ نَقُولُ إنَّ الْمَفْرُوضَ فِي الْعَقْدِ يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ; وَلِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قَدْ وَجَبَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَكَانَ الْفَرْضُ بَعْدَهُ تَقْدِيرًا لِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ ، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ ، فَكَذَا مَا هُوَ بَيَانٌ وَتَقْدِيرٌ لَهُ إذْ هُوَ تَقْدِيرٌ لِذَلِكَ الْوَاجِبِ .
وَكَذَا الْفُرْقَةُ بِالْإِيلَاءِ ، وَاللِّعَانِ ، وَالْجَبِّ ، وَالْعُنَّةِ ، فَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ ، فَتُوجِبُ الْمُتْعَةَ ; لِأَنَّهَا تُوجِبُ نِصْفَ الْمُسَمَّى فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ ، وَالْمُتْعَةُ عِوَضٌ عَنْهُ كَرِدَّةِ الزَّوْجِ ، وَإِبَايَةِ الْإِسْلَامِ ، وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهَا الْمَهْرُ أَصْلًا ، فَلَا تَجِبُ بِهَا الْمُتْعَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=11229_11228وَالْمُخَيَّرَةُ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ ، فَلَهَا الْمُتْعَةُ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةُ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ ; لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ مُضَافَةٌ إلَى الْإِبَانَةِ السَّابِقَةِ ، وَهِيَ فِعْلُ الزَّوْجِ .
( وَأَمَّا ) الَّذِي تُسْتَحَبُّ فِيهِ الْمُتْعَةُ ، فَهُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ ، وَهَذَا عِنْدَنَا .
وَقَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ الْمُتْعَةُ فِي الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَاجِبَةٌ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241، وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } جَعَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعًا فَاللَّامُ الْمِلْكِ عَامًّا إلَّا أَنَّهُ خُصِّصَتْ مِنْهُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ ، فَبَقِيَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ ، وَالْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى ظَاهِرِ الْعُمُومِ ، وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُتْعَةَ وَجَبَتْ بِالنِّكَاحِ بَدَلًا عَنْ الْبُضْعِ إمَّا بَدَلًا عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ أَوْ ابْتِدَاءً ، فَإِذَا اسْتَحَقَّتْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرَ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَلَوْ وَجَبَتْ الْمُتْعَةُ ; لَأَدَّى إلَى أَنْ يَكُونَ لِمِلْكٍ وَاحِدٍ بَدَلَانِ وَإِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ ، وَالْأَصْلِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ ; وَلِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ لَا تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ بِالْإِجْمَاعِ ، فَالْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْلَى ; لِأَنَّ الْأُولَى تَسْتَحِقُّ بَعْضَ الْمَهْرِ
[ ص: 304 ] وَالثَّانِيَةَ تَسْتَحِقُّ الْكُلَّ فَاسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمَهْرِ لَمَّا مَنَعَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْمُتْعَةِ فَاسْتِحْقَاقُ الْكُلِّ أَوْلَى .
وَأَمَّا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ ، فَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْمَتَاعِ فِيهَا عَلَى النَّدْبِ ، وَالِاسْتِحْبَابِ ، وَنَحْنُ بِهِ نَقُولُ إنَّهُ يُنْدَبُ الزَّوْجُ إلَى ذَلِكَ كَمَا يُنْدَبُ إلَى أَدَاءِ الْمَهْرِ عَلَى الْكَمَالِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فِي حَالِ قِيَامِ الْعِدَّةِ ; وَلِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَتَاعٌ إذْ الْمَتَاعُ اسْمٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ عَمَلًا بِالدَّلَائِلِ كُلِّهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ، وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ تُسْتَحَبُّ فِيهَا الْمُتْعَةُ إلَّا أَنْ يَرْتَدَّ أَوْ يَأْبَى الْإِسْلَامَ ; لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ طَلَبُ الْفَضِيلَةِ ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَضِيلَةِ .
( وَأَمَّا ) تَفْسِيرُ
nindex.php?page=treesubj&link=11231الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ ، فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا : إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ دِرْعٌ ، وَخِمَارٌ ، وَمِلْحَفَةٌ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ
الْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وَعَطَاءٍ ،
وَالشَّعْبِيِّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : أَرْفَعُ الْمُتْعَةِ الْخَادِمُ ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ الْكِسْوَةُ ، ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ النَّفَقَةُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا لَهُ مَا رُوِيَ عَنْ
أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّهُ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبِرْنِي عَنْ الْمُتْعَةِ ، وَأَخْبِرْنِي عَنْ قَدْرِهَا ، فَإِنِّي مُوسِرٌ ، فَقَالَ : اُكْسُ كَذَا اُكْسُ كَذَا اُكْسُ كَذَا قَالَ : فَحَسَبْتُ ذَلِكَ ، فَوَجَدْتُهُ قَدْرَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، فَدَلَّ أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا .
( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ الْمُتْعَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } ، وَالْمَتَاعُ اسْمٌ لِلْعُرُوضِ فِي الْعُرْفِ ; وَلِأَنَّ لِإِيجَابِ الْأَثْوَابِ نَظِيرًا فِي أُصُولِ الشَّرْعِ ، وَهُوَ الْكِسْوَةُ الَّتِي تَجِبُ لَهَا حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ ، وَأَدْنَى مَا تَكْتَسِي بِهِ الْمَرْأَةُ ، وَتَسْتَتِرُ بِهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ ، وَلَا نَظِيرَ لِإِيجَابِ الثَّلَاثِينَ ، فَكَانَ إيجَابُ مَا لَهُ نَظِيرٌ أَوْلَى ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ دَلِيلُنَا ; لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْكِسْوَةِ لَا بِدَرَاهِمَ مُقَدَّرَةٍ إلَّا أَنَّهُ اُتُّفِقَ أَنَّ قِيمَةَ الْكِسْوَةِ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا بِالثَّلَاثِينَ .
وَلَوْ أَعْطَاهَا قِيمَةَ الْأَثْوَابِ دَرَاهِمَ ، أَوْ دَنَانِيرَ تُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ ; لِأَنَّ الْأَثْوَابَ مَا وَجَبَتْ لِعَيْنِهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَالٌ ، كَالشَّاةِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ .
وَأَمَّا بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=11231مَنْ تُعْتَبَرُ الْمُتْعَةُ بِحَالِهِ ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ .
: قَدْرُ الْمُتْعَةِ يُعْتَبَرُ بِحَالِ الرَّجُلِ فِي يَسَارِهِ ، وَإِعْسَارِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ بَعْضُهُمْ : تُعْتَبَرُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ فِي يَسَارِهَا ، وَإِعْسَارِهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : تُعْتَبَرُ بِحَالِهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِهَا ، وَالْمُسْتَحَبَّةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِهِ .
( وَجْهُ ) قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236، وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } جَعَلَ الْمُتْعَةَ عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ فِي يَسَارِهِ ، وَإِعْسَارِهِ ( وَجْهُ ) قَوْلِ مَنْ قَالَ : بِاعْتِبَارِ حَالِهَا أَنَّ الْمُتْعَةَ بَدَلُ بُضْعِهَا ، فَيُعْتَبَرُ حَالُهَا ، وَهَذَا أَيْضًا وَجْهُ مَنْ يَقُولُ الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِهَا ، وَقَوْلُهُ الْمُتْعَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ تُعْتَبَرُ بِحَالِهِ لَا مَعْنَى لَهُ ; لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِي الْوَاجِبِ لَا فِي الْمُسْتَحَبِّ ( وَجْهُ ) مَنْ اعْتَبَرَ حَالَهُمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اعْتَبَرَ فِي الْمُتْعَةِ شَيْئَيْنِ أَحَدَهُمَا : حَالَ الرَّجُلِ فِي يَسَارِهِ ، وَإِعْسَارِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } .
وَالثَّانِيَ : أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ بِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ } فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِيهَا حَالَ الرَّجُلِ دُونَ حَالِهَا عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ ; لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=11231لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا شَرِيفَةٌ ، وَالْأُخْرَى مَوْلَاةٌ دَنِيئَةٌ ، ثُمَّ طَلَّقَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِمَا ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُمَا أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْمُتْعَةِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ ، وَهَذَا مُنْكَرٌ فِي عَادَاتِ النَّاسِ لَا مَعْرُوفٌ ، فَيَكُونُ خِلَافَ النَّصِّ ، ثُمَّ الْمُتْعَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَلْ هُوَ نِهَايَةُ الْمُتْعَةِ لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ التَّسْمِيَةِ آكَدُ ، وَأَثْبَتُ مِنْهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْمُتْعَةَ عَلَى قَدْرِ احْتِمَالِ مِلْكِ الزَّوْجِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } ، فَأَوْجَبَ نِصْفَ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا احْتَمَلَهُ وُسْعُ الزَّوْجِ ، وَمِلْكُهُ أَوْ لَا .
وَكَذَا فِي وُجُوبِ كَمَالِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَسُقُوطِهِ ، وَوُجُوبِ الْمُتْعَةِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ ، وَعَدَمِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ كَمَالِ الْمُسَمَّى مِنْ ذَلِكَ فِي نِكَاحٍ فِيهِ تَسْمِيَةٌ دَلَّ أَنَّ الْحَقَّ أَوْكَدُ ، وَأَثْبَتُ عِنْدَ التَّسْمِيَةِ ، ثُمَّ لَا يُزَادُ هُنَاكَ عَلَى نِصْفِ الْمُسَمَّى ، فَلَأَنْ لَا يُزَادَ هَهُنَا عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى ; وَلِأَنَّ الْمُتْعَةَ بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَلَا يُزَادُ الْبَدَلُ عَلَى الْأَصْلِ ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ; لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى طَرِيقِ الْعِوَضِ ، وَأَقَلُّ عِوَضٍ يَثْبُتُ فِي النِّكَاحِ نِصْفُ الْعَشَرَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .