فإن دخل الأولى حنث وإن لم يدخلها ولم يدخل الأخرى حتى مضى اليوم حنث لأنه خير نفسه في اليمين أن لا يدخل الدار الأولى أو يدخل الأخرى في اليوم فإن دخل الأخرى في اليوم بر في يمينه وإن مضى اليوم حنث في إحدى اليمينين قال قال والله لا أدخل هذه الدار أبدا أو لأدخلن هذه الدار الأخرى اليوم في نوادره سمعت ابن سماعة قال في رجل قال عبده حر إن لم يدخل هذه الدار اليوم فإن لم يدخلها اليوم دخل هذه قال محمدا ليس هذا باستثناء واليمين على حالها ولا أبالي وصل هذا الكلام أو فصله فإن لم يدخل الدار الأولى اليوم حنث لأن قوله فإن لم يدخلها ليس بلفظ تخيير فبقيت اليمين الأولى بحالها - والله عز وجل أعلم - هذا إذا كان الشرط شيئا واحدا فإن كان شيئين بأن عطف أحدهما على الآخر بحرف العطف لا ينزل إلا عند وجود الشرطين لأنه علقهما بهما فلو نزل عند وجود أحدهما لنزل من غير صنعه . محمد
وهذا لا يجوز سواء قدم الشرطين على الجزاء في الذكر أو أخرهما أو وسط الجزاء بأن أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار وهذه الدار أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق وهذه الدار لا يقع الطلاق إلا عند دخول الدارين جميعا أما إذا قدم الشرطين على الجزاء أو أخرهما عنه فلأنه جمع بين الشرطين بحرف الجمع والجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع ولو جمع بينهما بلفظ الجمع بأن قال إن دخلت هاتين الدارين فأنت طالق أو أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين لا يقع الطلاق إلا عند دخول الدارين جميعا كذا هذا وإنما استوى فيه تقديم الشرطين وتأخيرهما لأن الجزاء يتعلق بالشرط كيفما كان فكان التقديم والتأخير فيه سواء وأما إذا وسط الجزاء فلأن الشيء يعطف على جنسه لا على غير جنسه فلا يصح عطف الشرط على الجزاء فيجعل معطوفا على الشرط ، وكذلك إذا كان العطف بحرف الفاء بأن قال إن دخلت هذه الدار فهذه الدار أنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار فهذه الدار أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق فهذه الدار فهذا كله سواء ولا يقع الطلاق إلا عند دخول هذين الدارين جميعا كما في الفصل الأول إلا أن هناك لا يراعى الترتيب في دخول الدارين وههنا يراعى وهو أن تدخل الدار الثانية بعد دخولها الأولى وإلا فلا يقع الطلاق لأن الواو والفاء وإن كانت كل واحدة منهما حرف عطف وجمع لكن الواو للجمع المطلق والفاء للجمع المقيد وهو الجمع على سبيل التعقيب لذلك لزم مراعاة الترتيب في الثاني دون الأول . قال لها إن دخلت هذه الدار وهذه الدار فأنت طالق
وكذلك إن كان العطف بكلمة ثم بأن فهذه والفاء سواء في أنه يراعى الترتيب في الدخول في كل واحدة منهما إلا أن ههنا لا بد وأن يكون دخول الدار الثانية متراخيا عن دخول الأولى لأن كلمة ثم للترتيب والتعقيب مع التراخي هذا إذا كرر حرف العطف بدون الفعل فإن كرر مع الفعل فإن كان بالواو بأن قال إن دخلت هذه الدار ودخلت هذه الدار فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار ودخلت هذه الدار فهذا وما إذا كرر حرف العطف بدون الفعل سواء ; لأن الواو للجمع المطلق فيقتضي اجتماع الشرطين فيستوي فيه إعادة الفعل وعدم الإعادة وإن كانت بالفاء فقال إن دخلت هذه الدار فدخلت هذه الدار الأخرى فأنت طالق أو قال إن دخلت هذه الدار ثم هذه الدار فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار ثم هذه الدار أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق ثم هذه الدار فقد ذكر قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار فدخلت هذه الدار الأخرى عن ابن سماعة أنه فرق بين الفاء وبين الواو في هذه الأوجه [ ص: 32 ] فقال في الأول يقع الطلاق عند دخول الدارين من غير مراعاة الترتيب ، وفي الثاني لا يقع إلا أن يكون المذكور بالفاء آخرا حتى لو دخلت الدار الثانية قبل الأولى ثم دخلت الأولى لا يحنث . أبي يوسف
ووجه الفرق ما ذكرنا أن الواو تقتضي الجمع المطلق من غير شرط الترتيب والفاء تقتضي التعقيب فيستدعي تأخر الفعل الثاني عن الأول وقد ذكر عن ابن سماعة في هذا زيادة تفصيل فقال في رجل قال لامرأته إن دخلت دار فلان فدخلت هذه الدار فأنت طالق ولم يدخل بها ثم طلقها فدخلت دار فلان ثم تزوجها فدخلت الدار الثانية لم تطلق كأنه جعل دخول دار فلان شرطا لانعقاد اليمين فإنما يصير حالفا حين دخلت الدار الأولى ولا ملك له في ذلك الوقت فيصير حالفا بطلاق امرأة لا يملكها فلا تطلق وإن دخلت الدار الثانية وهي امرأته لم لم تنعقد اليمين ؟ وقد روي عن محمد مثل هذه في مسألة أخرى فقال إذا قال لامرأتين له إذا غشيت هذه فإذا غشيت هذه الأخرى فعبدي حر فليس الحلف على الأولى إنما تنعقد عليه اليمين في الثانية إذا غشي الأولى ويكون موليا من الثانية إذا غشي الأولى ، والفاء في هذه المواضع لا تشبه الواو فدل ذلك على أنه جعل غشيان الأولى شرطا لانعقاد اليمين في الثانية . أبي يوسف