( فصل ) :
وأما إذا الحلف على اللبس والكسوة لم يحنث وكذا إذا أعتم بشيء من ذلك لأن المطلق تعتبر فيه العادة والاتزار والتعمم ليس بمعتاد في هذه الأشياء فلا يحنث . حلف لا يلبس قميصا أو سراويل أو رداء فاتزر بالسراويل أو القميص أو الرداء
ولو فعلى أي حال لبس ذلك حنث وإن اتزر بالرداء وارتدى بالقميص أو اغتسل فلف القميص على رأسه وكذلك إذا حلف لا يلبس هذه العمامة فالقاها على عاتقه لأن اليمين إذا تعلقت بعين اعتبر فيها وجود الاسم ولا تعتبر فيها الصفة المعتادة لأن الصفة في الحاضر غير معتبرة [ ص: 70 ] والاسم باق وهذا ليس بمعتاد فيحنث به . حلف لا يلبس هذا القميص أو هذا الرداء
ولو لم يحنث لأن الثوب ينسب إلى اللحمة دون السداء لأنها هي الظاهرة منه والسداء ليس بظاهر ونظير مسائل الباب ما قال في الجامع فيمن حلف لا يلبس حريرا فلبس مصمتا فإنه لا يحنث حتى يلبسهما معا لأن المفهوم من لبس القميصين في العرف هو أن يجمع بينهما . حلف لا يلبس قميصين فلبس قميصا ثم نزعه ثم لبس آخر
ولو حنث لأن اليمين ههنا وقعت على عين فاعتبر فيها الاسم دون اللبس المعتاد وقالوا فيمن قال والله لا ألبس هذين القميصين فلبس أحدهما ثم نزعه ولبس الآخر أنه يحنث لأن ذلك كله يتناوله اسم اللبس . حلف لا يلبس شيئا ولا نية له فلبس درعا من حديد أو درع امرأة أو خفين أو قلنسوة
ولو لم يحنث لأن هذا لا يسمى لبسا يقال تقلد السيف ولا يقال لبسه ولو لبس درعا من حديد أو غيره حنث لأن السلاح هكذا يلبس وقالوا حلف لا يلبس سلاحا فتقلد سيفا أو تنكب قوسا أو ترسا يحنث لأن القطن لا يحتمل اللبس حقيقة فيحمل على لبس ما يتخذ منه فإن لبس قباء ليس بقطن وحشوه قطن لم يحنث إلا أن يعني الحشو لأن الحشو ليس بملبوس فلا تتناوله اليمين فإن لبس ثوبا من قطن وكتان حنث لأن اليمين على القطن تتناول ما يتخذ منه وبعض الثوب يتخذ منه روى حلف لا يلبس قطنا فلبس ثوب قطن بشر عن في رجل أبي يوسف فإنه يبر في يمينه لأن القميص يسمى ثوبا فقد قطع الثوب سراويل واسم الثوب لم يزل فلا يحنث حلف ليقطعن من هذا الثوب قميصا وسراويل فقطعه قميصا فلبسه ما شاء ثم قطع من القميص سراويل فلبسه فإنه قد حنث في يمينه حين قطع القميص قباء لأنه قطع السراويل مما لا يسمى قميصا ويمينه أقتضت أن يقطع السراويل من قميص لا من قباء . وإن حلف على قميص ليقطعن منه قباء وسراويل فقطع منه قباء فلبسه أو لم يلبسه ثم قطع من القباء سراويل
وقال في الزيادات إذا فإنه لا يحنث إلا أن يكون عنى أن يجعل من بعضه هذا أو بعضه هذا وهو على الحالة الأولى . قال عبده حر إن لم يجعل من هذا الثوب قباء وسراويل ولا نية له فجعله كله قباء وخاطه ثم نقض القباء وجعله سراويل
وقال عمرو عن في رجل محمد لا يحنث . حلف لا يلبس هذا الثوب فقطعه سراويلين فلبس سراويل بعد سراويل
وقال إذا صار سراويلين خرج من أن يكون ثوبا لأن لبس الثوب المشار إليه يلبس جميعه دفعة واحدة وروي عن محمد أنه قال سمعت محمد فيمن أبا يوسف لم يحنث لأنه لما قطعه قلنسوات لم يبق اسم الثوب لأن القلنسوة لا تسمى ثوبا وإن قطعه قميصا ففضل منه فضلة عن القميص رقعة صغيرة يتخذ منها لبنة أو ما أشبه ذلك فإنه يحنث لأن هذا القدر مما لا يعتد به فكان لابسا كمن حلف لا يأكل رمانة فأكلها إلا حبة وكذا لو اتخذ من الثوب جوارب فلبسها لا يحنث لأنه لما قطعه جوارب زال اسم الثوب عنها . حلف لا يلبس هذا الثوب فأخذ منه قلنسوات فلبسها
ولو فإن كان لا يكون ما قطع إزارا أو رداء لم يحنث فإن بلغ ذلك حنث وإن قطعه سراويل فلبسه حنث لأن اسم الثوب إنما يقع على ما تستر به العورة وأدنى ذلك الإزار فما دونه ليس بلبس ثوب وكذا حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فقطع بعضه فلبسه لم تحنث والمراد بذلك الخمار الذي لم يبلغ مقدار الإزار فإذا بلغ ذلك الإزار حنث بلبسه وإن لم تستر به العورة وكذلك إذا لبس الحالف عمامة لم يحنث إلا أن يلف على رأسه ويكون قدر إزار أو رداء أو يقطع من مثلها قميصا أو درعا أو سراويل لأن العمامة إذا لم تبلغ مقدار الإزار فلابسها لا يسمى لابس ثوب فلم يحنث وإذا بلغت مقدار الإزار أو الرداء فقد لبس ما يسمى ثوبا إلا أنه ليس في موضع مخصوص من بدنه فهو كما لو لبس القميص على رأسه . المرأة إذا حلفت لا تلبس ثوبا فلبست خمارا أو مقنعة
ولو لم يحنث في التكة والزر والعروة واللبنة روي ذلك عن حلف لا يلبس من غزل فلانة ولم يقل ثوبا لأن هذا ليس بلبس في العادة ولا يقال لمن كان عليه لابس . محمد
وقال إن لبس رقعة في ثوب شبرا في شبر حنث لأن هذا عنده في حكم الكثير فصار لابسا له . أبو يوسف
وقال إذا محمد لا يحنث في العمامة والمقنعة ويحنث في السراويل وقد قالوا إذا حلف لا يلبس ثوبا حنث لأن ذلك ينسب إلى الثوب فإنه كان كساء من غزلها سداه قطن فإن كان ذلك يسمى ثوبا حنث وإلا لم يحنث ولو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس ثوب خز غزلته فإن كان فلان يعمل بيده لم يحنث إلا أن يلبس من [ ص: 71 ] عمله وإن كان فلان لا يعمل بيده حنث لأن حقيقة النسج ما فعله الإنسان بنفسه فإن أمكن الحمل على الحقيقة يحمل عليها وإن لم يمكن يحمل على المجاز فإذا كان فلان لا ينسج بيده لم تكن الحقيقة مرادة باليمين فيحمل على المجاز وهو الأمر بالعمل وروى حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان فنسجه غلمانه بشر عن فيمن أبي يوسف قال هذا على ما يلبس مثله ولا يحنث في التكة والزر والعروة لأن ذلك ليس بلبس وإن حلف لا يلبس شيئا من السواد حنث لأن الكسوة اسم لما يكسى به وذلك يوجد في القليل والكثير وروى حلف لا يكسو فلانا شيئا ولا نية له فكساه قلنسوة أو خفين أو جوربين عمرو عن إذا محمد قال لا يحنث فجعل الكسوة عبارة عما يجزئ في كفارة اليمين وأجرى ذلك مجرى قوله لا ألبس ثوبا . حلف لا يكسو امرأة فبعث إليها مقنعة
ولو لم يحنث لأنه لم يكسه وإنما وهب له دراهم وشاوره فيما يفعل بها ولو أرسل إليه بثوب كسوة حنث لأن الحقوق لا تتعلق بالرسول وإنما تتعلق بالمرسل . حلف لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه دراهم يشتري بها ثوبا