( وأما ) فشيئان : أحدهما نية الزوج الطلاق ; لأنه من كنايات الطلاق فلا يصح من غير نية الطلاق . شرط صيرورة الأمر بيدها
ألا ترى أنه لا يملك إيقاعه بنفسه من غير نية الطلاق ، فكيف يملك تفويضه إلى غيره من غير نية الطلاق ؟ حتى لو قال الزوج ما أردت به الطلاق يصدق ولا يصير الأمر بيدها ; لأن هذا التصرف يحتمل الطلاق ويحتمل غيره إلا إذا كان الحال حال الغضب والخصومة أو حال مذاكرة الطلاق فلا يصدق في القضاء .
لأن الحال تدل على إرادة الطلاق ظاهرا فلا يصدق في العدول عن الظاهر ، فإن ادعت المرأة أنه أراد به الطلاق أو ادعت أن ذلك كان في حال الغضب أو في حال ذكر الطلاق وهو ينكر فالقول قوله مع يمينه ; لأنها تدعي عليه الطلاق وهو ينكر فإن أقامت البينة أن ذلك كان في حال الغضب أو ذكر الطلاق قبلت بينتها ; لأن حال الغضب وذكر الطلاق يقف الشهود عليها ويتعلق علمهم بها فكانت شهادتهم عن علم بالمشهود به فتقبل ، ولو أقامت البينة على أنه نوى الطلاق لا تقبل بينتها ; لأنه لا وقوف للشهود على النية لأنه أمر في القلب فكانت هذه شهادة لا عن علم بالمشهود به فلم تقبل .
والثاني علم المرأة بجعل الأمر بيدها وهي غائبة أو حاضرة لم تسمع لا يصير الأمر بيدها ما لم تسمع أو يبلغها الخبر لأن معنى صيرورة الأمر بيدها في الطلاق هو ثبوت الخيار لها وهو اختيارها نفسها بالطلاق أو زوجها بترك الطلاق اختيار الإيثار ، وهذا لا يتحقق إلا بعد العلم بالتخيير فإذا علمت بالتخيير صار الأمر بيدها في أي وقت علمت إن كان التفويض مطلقا عن الوقت وإن كان مؤقتا بوقت وعلمت في شيء من الوقت صار الأمر بيدها .
فأما إذا علمت بعد مضي الوقت كله لا يصير الأمر بيدها بهذا التفويض أبدا ; لأن ذلك علم لا ينفع ; لأن التفويض المؤقت بوقت ينتهي عند انتهاء الوقت فلو صار الأمر بيدها بعد ذلك لصار من غير تفويضه وهذا لا يجوز .