، ويصح سواء كان المستثنى أقل من المستثنى منه أو أكثر عند عامة العلماء ، وعامة أهل اللغة . استثناء البعض من الكل
وروي عن أنه لا يصح أبي يوسف ، وهو قول استثناء الأكثر من الأقل الفراء وجه قولهما أن الاستثناء من باب اللغة ، وأهل اللغة لم يتكلموا باستثناء الأكثر من الأقل ; ولأن الاستثناء وضع في الأصل لاستدراك الغلط ، والغلط يجري في الأقل لا في الأكثر ، ولنا أن أهل اللغة قالوا : الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا من غير فصل بين الأقل ، والأكثر إلا أنه قل استعمالهم الاستثناء في مثله لقلة حاجتهم إليه لقلة وقوع الغلط فيه .
وهذا لا يكون منهم إخراجا للفظ من أن يكون استثناء حقيقة كمن أكل لحم الخنزير لا يمتنع أحد من أهل اللسان من إطلاق القول بأنه أكل لحم الخنزير ، وإن كان يقل استعمال هذه اللفظة ، لكن قلة استعمالها لقلة وجود الأكل لا لانعدام معنى اللفظ حقيقة كذا هذا ، وعلى هذا تخرج مسائل هذا النوع إذا يقع ثنتان ; لأن هذا استثناء صحيح لكونه تكلما بالباقي بعد الثنيا ، والباقي بعد استثناء الواحدة من الثلاث ثنتان إلا أن للثنتين اسمين : أحدهما ثنتان ، والآخر ثلاث إلا واحدة ، ولو قال : إلا اثنتين يقع واحدة ; لأن استثناء الأكثر من الأقل استثناء صحيح أيضا لما ذكرنا ، ولو قال : إلا ثلاثا وقع الثلاث ; لأن الاستثناء لم يصح ; لأنه استثناء الكل من الكل . قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة
ولو وقع الثلاث ، وبطل الاستثناء في قول قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة واحدة وواحدة وواحدة وواحدة أبي حنيفة ، وقال ، ومحمد جاز استثناء الأولى ، والثانية ، وبطل استثناء الثالثة ، وتلزمه واحدة وجه قوله أن استثناء الأولى ، والثانية استثناء البعض من الكل فصح إلا أنه لو سكت عليه لجاز ، . أبو يوسف
فأما استثناء الثالثة فاستثناء الكل من الكل فلم يصح فالتحق بالعدم فيقع واحدة ، ، ولأبي حنيفة أن أول الكلام في الاستثناء يقف على آخره فكان استثناء الكل من الكل ، فلا يصح كما لو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ; ولأنه لما قال إلا واحدة ، وواحدة وواحدة فقد جمع بين الكل بحرف الجمع فصار كأنه قال إلا ثلاثا . ، ومحمد
ولو يقع الثلاث ، ويبطل الاستثناء في قولهم جميعا ; لأن الاستثناء إذا كان موصولا يقف أول الكلام على آخره فكان الاستثناء راجعا إلى الكل فبطل ; ولأنه ذكر جملتين وجمع بين كل جملة بحرف الجمع فكان استثناء الجملة من الجملة ، فلا يصح ، وإذا قال : أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا ثلاثا يقع ثنتان في قول قال : أنت طالق اثنتين اثنتين إلا اثنتين أبي يوسف . ، ومحمد
وقال يقع ثلاث كذا ذكر زفر القدوري ، ولم يذكر قول وجه قول أبي حنيفة أن الأصل في الاستثناء أنه ينصرف إلى ما يليه ; لأنه أقرب إليه ، وهو متصل به أيضا ، ولا ينصرف إلى غيره إلا بدليل ، ومتى انصرف إلى ما يليه ; كان استثناء الكل من الكل ، فلا يصح ، ولهما أن الاستثناء يصحح ما أمكن ، ولو جعلناه مما يليه لبطل ، ولو صرف إلى الجملتين يصح [ ص: 156 ] ; لأنه يصير مستثنيا من كل ثنتين واحدة فبقي من كل جملة واحدة . زفر
وروى هشام بن عبد الله الرازي عن فيمن محمد إنه يقع ثلاث ; لأنه لا يمكن تصحيح الاستثناء ههنا ; لأن أول الكلام في كل واحدة من الجملتين وقف على آخره فصار كأنه قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ; لأنه لا يمكن أن يجعل الاستثناء في الجملتين على السواء ; لأنه يصير مستثنيا من كل جملة تطليقة ، ونصفا ، وهذا استثناء جميع الجملة ; لأن استثناء واحدة ، ونصف استثناء ثنتين ; لأن ذكر البعض فيما لا يتبعض ذكر لكله فكان استثناء الكل من الكل ، ولا يمكن أن يجعل من إحدى الجملتين ; لأنه يكون استثناء الكل من الكل ، وزيادة ، ولا يمكن أن يصرف اثنتان من الثلاث أو جملة واحدة إلى جملة أخرى ; لأن هذا خلاف تصرفه ، وإنشاء تصرف آخر لم يوجد منه فتعذر تصحيح هذا الاستثناء من جميع الوجوه فبطل ، والإشكال على القسم الأول أن ذكر البعض فيما لا يتبعض لا يكون ذكرا للكل في الاستثناء بل هو ملحق بالعدم بدليل أنه لو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ، ونصفا يقع عليها ثنتان ، ولو كان ذكر بعض الطلاق ذكرا لكله في الاستثناء لوقع عليها واحدة ; لأنه يصير كأنه قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ، وكان الفقه في ذلك أن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فينظر إلى الباقي ، والباقي ههنا تطليقة ، ونصف ، ونصف تطليقة تطليقة كاملة فيقع ثنتان كأنه قال : أنت طالق اثنتين ، وإذا لم يصر ذكر البعض ذكرا للكل في الاستثناء يصر مستثنيا من كل جملة تطليقة واحدة ، وتلغو واحدة من الاستثناء ، وهذا أولى من إلغاء الكل فيجب أن يقع ثنتان كما في المسألة الأولى عندهما ، وفي هذه المسألة إشكال على ما روى قال : أنت طالق اثنتين واثنتين إلا ثلاثا هشام عن . محمد
وروى هشام أيضا عن فيمن محمد أنها تطلق ثلاثا ; لأنه لا يمكن تصحيح الاستثناء بالصرف إلى الجملتين على الشيوع ، ولا بالصرف إلى واحدة منهما ، ولا يصرف البعض عينا إلى جملة ، والبعض إلى جملة أخرى لما قلنا ، والإشكال على القسم الأول على ما بينا . قال : أنت طالق اثنتين وأربعا إلا خمسا
وقال بشر عن فيمن أبي يوسف أنه ثلاث - ، وهو قول قال لامرأته : أنت طالق واحدة واحدة واثنتين إلا اثنتين - ، والوجه فيه ما ذكرنا ، والإشكال على نحو ما بينا ، هذا إذا كان لفظ الاستثناء من جنس المستثنى منه . محمد