( ومنها ) أن لا يكون انتهاء الغاية  فإن كان لا يقع ، وهذا قول  أبي حنيفة   ، وزفر  وقال  أبو يوسف   ، ومحمد  هذا ليس بشرط ، ويقع ، وإن جعل انتهاء الغاية ، وهل يشترط أن لا يكون ابتداء الغاية ؟ قال أصحابنا الثلاثة   لا يشترط وقال  زفر  يشترط والأصل في هذا أن عند  زفر  الغايتان لا يدخلان ثم ينظر إن بقي بينهما شيء وقع ، وإلا ، فلا . 
وعند  أبي يوسف   ، ومحمد  الغايتان تدخلان ، وعند  أبي حنيفة  الأولى تدخل لا الثانية ، وبيان هذه الجملة إذا قال لامرأته : أنت طالق واحدة إلى اثنتين أو ما بين واحدة إلى اثنتين  فهي واحدة عند  أبي حنيفة    . 
وعندهما هي اثنتان ، وعند  زفر  لا يقع شيء . 
ولو قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث أو ما بين واحدة إلى ثلاث  فهي اثنتان في قول  أبي حنيفة  ، وعندهما هي ثلاث ، وعند  زفر  هي واحدة ( وجه ) قول  زفر  أن كلمة من لابتداء الغاية ، وكلمة إلى لانتهاء الغاية ; يقال سرت من البصرة  إلى الكوفة  أي : البصرة  كانت ابتداء غاية المسير والكوفة  كانت غاية المسير ، والغاية لا تدخل تحت ما ضربت له الغاية كما في البيع فإنه إذ قال : بعت منك من هذا الحائط إلى هذا الحائط فالحائطان لا يدخلان في البيع فكان هذا منه إيقاع ما ضربت له الغاية لا الغاية ، فيقع ما ضربت له الغاية لا الغاية . 
وكذا إذا قال : بعتك ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط لا يدخل الحائطان في البيع كذا ههنا ، ولهذا لم تدخل إحدى الغايتين عند  أبي حنيفة  كذا الأخرى ، ولهما أن ما جعل غاية لا بد من وجوده إذ المعدوم لا يصلح غاية ، ومن ضرورة وجوده وقوعه ، ولهذا دخلت الغاية الأولى فكذا الثانية ، بخلاف البيع فإن الغاية هناك كانت موجودة قبل البيع فلم يكن وجودها بالبيع ليكون من ضرورة وجودها بالبيع دخولها فيه فلم تدخل  ، وأبو حنيفة  بنى الأمر في ذلك على العرف والعادة فإن الرجل يقول في العرف والعادة لفلان علي من مائة درهم إلى ألف ، ويريد به دخول الغاية الأولى لا الثانية . 
وكذا يقال سن فلان من تسعين إلى مائة ، ويراد به دخول الغاية الأولى لا الثانية . 
وكذا إذا قيل ما بين تسعين إلى مائة ، . 
وقيل إن  الأصمعي  ألزم  زفر  هذا الفصل على باب الرشيد فقال له : كم سنك ؟ فقال من سبعين إلى ثمانين ، وكان سنه أقل من ثمانين فتحير  زفر    ; ; ولأن انتهاء الغاية قد تدخل تحت ما ضربت له الغاية وقد لا تدخل قال الله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل    } والليل لم يدخل تحت الأمر بالصوم فيه فوقع الشك في دخول الغاية الثانية في كلامه ، فلا يدخل مع الشك ، فإن نوى واحدة في قوله من واحدة إلى ثلاث كما قال  زفر  دين فيما بينه ، وبين الله تعالى ; لأنه نوى ما يحتمله كلامه ، ولا يدين في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر ، وقياس ظاهر أصلهما في قوله أنت طالق من واحدة إلى اثنتين أنه يقع الثلاث ; لأن الغايتين يدخلان عندهما إلا أنه يحتمل أنه جعل تلك الواحدة داخلة في الثنتين ، ويحتمل أنه جعلها غير الثنتين ، فلا تقع الزيادة على الثنتين بالشك . 
وروي عن  أبي يوسف  أنه قال في رجل قال لامرأته : أنت طالق اثنتين إلى اثنتين  أنه يقع ثنتان ; لأنه يحتمل أن يكون جعل الابتداء هو الغاية كأنه قال : أنت طالق من اثنتين إليهما . 
وكذا روي عن  أبي يوسف  أنه قال : إذا قال : أنت طالق ما بين واحدة ، وثلاث فهي واحدة ; لأنه ما جعل الثلاث غاية ، وإنما أوقع ما بين العددين - وهو واحدة - فتقع الواحدة ، وإن قال : أنت طالق ما بين واحدة إلى أخرى أو من واحدة إلى واحدة - فهي واحدة - أما على أصل  أبي حنيفة    ; فلأن الغاية الأولى تدخل ، ولا تدخل الثانية فتقع واحدة . 
وأما على أصلهما فالغايتان ، وإن كانتا يدخلان جميعا لكن يحتمل أن يكون المراد من قوله من واحدة إلى واحدة أي : منها وإليها ، فلا يقع أكثر من واحدة ، وأما على أصل  زفر  فالغايتان لا يدخلان ، ولم يبق بينهما شيء والله عز وجل أعلم . 
				
						
						
