وأما الثاني ، وهو ما إذا فإنه يصير موليا من إحداهما حتى لو وطئ إحداهما لزمته الكفارة ، وبطل الإيلاء لوجود شرط الحنث ، وهو قربان إحداهما ، ولو ماتت إحداهما أو طلق إحداهما ثلاثا أو بانت بلا عدة تعينت الباقية للإيلاء لزوال المزاحمة ، ولو لم يقرب إحداهما حتى مضت المدة بانت إحداهما بغير عينها ، وله خيار أن يوقع الطلاق على أيتهما شاء ; لأن الإيلاء في حق حكم البر تعليق الطلاق شرعا بشرط ترك القربان في المدة فيصير كأنه قال : إن لم أقرب إحداكما أربعة أشهر في إحداكما طالق بائن . قال : والله لا أقرب إحداكما
ولو نص على ذلك فمضت المدة ، ولم يقرب إحداهما طلقت إحداهما غير عين ، وله الخيار يوقع على أيتهما شاء كذا هذا ، ولو أراد أن يعين الإيلاء في إحداهما قبل مضي أربعة أشهر لا يملك ذلك حتى لو عين إحداهما ثم مضت أربعة أشهر لم يقع الطلاق على المعينة بل يقع على إحداهما بغير عينها ، ويخير في ذلك ; لأن اليمين تعلقت بغير المعينة فالتعيين يكون تغيير اليمين ، فلا يملك ذلك ; لأن تغيير اليمين إبطالها من وجه واليمين عقد لازم لا يحتمل الطلاق ، فلا يحتمل التغيير ; ولأن الإيلاء في حق البر تعليق الطلاق بشرط عدم القربان في المدة ، ومتى علق الطلاق المبهم بشرط ثم أراد التعليق قبل وجود الشرط لا يقدر على ذلك كما إذا قال لامرأتيه : إذا جاء غد فإحداكما طالق ، ثم أراد أن يعين إحداهما قبل مجيء الغد لا يملك ذلك كذا هذا فإذا مضت المدة ، وبانت إحداهما بغير عينها فله الخيار في تعيين أيتهما شاء للطلاق ; لأن الطلاق إذا وقع في المجهولة يتخير الزوج في التعيين فله أن يوقع الطلاق على إحداهما فلو لم يوقع الطلاق على واحدة منهما حتى مضت أربعة أشهر أخرى وقعت تطليقة أخرى ، وبانت كل واحدة منهما بتطليقة في ظاهر الرواية .
وروي عن أنه لا يقع الطلاق على الأخرى . أبي يوسف
وجه رواية أنه آلى من إحداهما لا من كل واحدة منهما ، فلا يتناول الإيلاء إلا إحداهما . أبي يوسف
وجه ظاهر الرواية أن اليمين باقية لعدم الحنث فكان تعليق طلاق إحداهما بمضي المدة من غير فيء باقيا ، فإذا مضت أربعة أشهر ، ووقع الطلاق على إحداهما فقد زالت [ ص: 164 ] مزاحمتهما واليمين باقية فتعينت الأخرى لبقاء اليمين في حقها ، وتعليق طلاقها كما لو زالت المزاحمة بعد مضي المدة قبل اختيار الزوج بالموت بأن ماتت إحداهما أليس أنه تتعين الأخرى كذا ههنا .
وهل يتكرر الطلاق على المولي منها بالإيلاء السابق بتكرار المدة ؟ لا نص في هذه المسألة واختلف المشايخ فيه ، وترجيح بعض الأقاويل فيه على البعض يعرف في الجامع الكبير ، وكذلك لو عين الطلاق في إحداهما بعد مضي أربعة أشهر ثم مضت أربعة أشهر أخرى بانت الأخرى بتطليقة على جواب ظاهر الرواية .