إذا أضافه إلى الوقت بأن ، أو قال : إذا جاء رأس شهر كذا فوالله لا أقربك ، وإذا وجد الشرط أو الوقت فيصير موليا ، ويعتبر ابتداء المدة من وقت وجود الشرط والوقت ; لأن الإيلاء يمين ، واليمين تحتمل التعليق بالشرط والإضافة إلى الوقت كسائر الأيمان ، وإن وقته إلى غاية ينظر إن كان المجعول غاية لا يتصور وجوده في مدة الإيلاء يكون موليا كما إذا قال : وهو في شعبان : والله لا أقربك حتى أصوم المحرم ; لأنه منع نفسه عن قربانها بما يصلح مانعا ; لأنه لا يمكنه قربانها إلا بحنث يلزمه ، وهو الكفارة . قال : إذا جاء غد فوالله لا أقربك
ألا ترى أنه لا يتصور وجود الغاية - وهو صوم المحرم - في المدة ، وكذلك يعد مانعا في العرف ; لأنه يحلف به عادة .
وكذا لو قال : والله لا أقربك إلا في مكان كذا ، وبينه ، وبين ذلك المكان أربعة أشهر فصاعدا يكون موليا ; لأنه لا يمكنه قربانها من غير حنث يلزمه ، وإن كان أقل من ذلك لم يكن موليا لإمكان القربان من غير شيء يلزمه .
وكذا لو قال : والله لا أقربك حتى تفطمي صبيك ، وبينها ، وبين الفطام أربعة أشهر فصاعدا يكون موليا ، وإن كان أقل من ذلك لم يكن موليا لما قلنا ، ولو قال : والله لا أقربك حتى تخرج الدابة من الأرض أو حتى يخرج الدجال أو حتى تطلع الشمس من مغربها .
فالقياس أن لا يكون موليا لتصور وجود الغاية في المدة ساعة فساعة فيمكنه قربانها في المدة من غير شيء يلزمه ، فلا يكون موليا ، وفي الاستحسان يكون موليا ; لأن حدوث هذه الأشياء لها علامات يتأخر عنها بأكثر من مدة الإيلاء على ما نطق به الإخبار ، فلا توجد هذه الغاية في زماننا في مدة أربعة أشهر عادة فلم تكن الغاية متصورة الوجود عادة ، فلا يمكنه قربانها من غير حنث يلزمه عادة فيكون موليا ; ولأن هذا اللفظ يذكر على إرادة التأبيد في العرف فصار كأنه قال : والله لا أقربك أبدا وكذا إذا قال : والله لا أقربك حتى تقوم الساعة كان موليا ، وإن كان يمكن في العقل قيام الساعة ساعة فساعة لكن قامت دلائل الكتاب العزيز والسنن المشهورة على أنها لا تقوم إلا بعد تقدم أشراطها العظام كطلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدجال ، وخروج يأجوج ، ومأجوج ، ونحو ذلك ، ولم يوجد شيء من ذلك في زماننا فلم تكن الغاية قبلها متصورة الوجود عادة على أن مثل هذه الغاية تذكر ، ويراد بها التأبيد في العرف والعادة كما قال الله تعالى { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } أي : لا يدخلونها أصلا ، ورأسا ، وكما يقال : لا أفعل كذا حتى يبيض الفأر ، ويشيب الغراب ، ونحو ذلك فإنه يصير كأنه قال : والله لا أقربك حتى تموتي أو حتى أموت أو حتى تقتلي أو حتى أقتل أو حتى أقبلك أو حتى تقبليني كان موليا ، وإن كان يتصور وجود هذه الأشياء في المدة لكن لا يتصور بقاء النكاح بعد وجودها فيصير حاصل هذا الكلام كأنه قال : والله لا أقربك ما دمت زوجك أو ما دمت زوجتي أو ما دمت حيا أو ما دمت حية ، ولو قال ذلك كان موليا إذ لو لم يكن موليا لما تصور انعقاد الإيلاء ; لأن هذا التقدير ثابت في كل الإيلاء .