وعلى هذا يبنى أنها تجب من وقت وجود سبب الوجوب من الطلاق ، والوفاة ، وغير ذلك حتى لو بلغ المرأة طلاق زوجها أو موته فعليها العدة من يوم طلق أو مات عند عامة العلماء ، وعامة الصحابة رضي الله عنهم ، وحكي عن وقت وجوب العدة رضي الله عنه أنه قال : من يوم يأتيها الخبر وجه البناء على هذا الأصل أن الفعل لما كان ركنا عنده فإيجاب الفعل على من لا علم له به ولا سبب إلى الوصول إلى العلم به ممتنع ، فلا يمكن إيجابه إلا من وقت بلوغ الخبر ; ; لأنه وقت حصول العلم به ولما كان الركن هو الأجل عندنا ، وهو مضي الزمان لا يقف وجوبه على العلم به كمضي سائر الأزمنة ثم قد بينا أنه لا يقف على فعلها أصلا ، وهو الكف فإنها لو علمت فلم [ ص: 191 ] تكف ولم تجتنب ما تجتنبه المعتدة حتى انقضت المدة انقضت عدتها . علي
وإذا لم يقف على فعلها فلأن لا يقف على علمها به أولى ، وما روي عن رضي الله عنه محمول على أنها لم تعلم وقت الموت فأمرها بالأخذ باليقين ، وبه نقول وقد روي عنه رضي الله عنه في العدة أنها من يوم الطلاق مثل قول العامة ، فأما إن يحمل على الرجوع أو على ما قلنا . علي
وأما بيان فالعدد في الشرع أنواع ثلاثة : عدة الأقراء ، وعدة الأشهر ، وعدة الحبل أما عدة الأقراء فلوجوبها أسباب منها : الفرقة في النكاح الصحيح سواء كانت بطلاق أو بغير طلاق ، وإنما تجب هذه العدة لاستبراء الرحم ، وتعرف براءتها عن الشغل بالولد ; لأنها لو لم تجب ، ويحتمل أنها حملت من الزوج الأول فتتزوج بزوج آخر ، وهي حامل من الأول فيطأها الثاني فيصير ساقيا ماءه زرع غيره وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم { أنواع العدد } ، وكذا إذا جاءت بولد يشتبه النسب ، فلا يحصل المقصود ، ويضيع الولد أيضا لعدم المربي ، والنكاح سببه فكان تسببا إلى هلاك الولد ، وهذا لا يجوز فوجبت العدة ليعلم بها فراغ الرحم ، وشغلها ; ، فلا يؤدي إلى هذه العواقب الوخيمة . من كان يؤمن بالله ، واليوم الآخر ، فلا يسقين ماءه زرع غيره