( فصل ) :
وأما فنوعان : نوع يجب بدلا عن الحيض ، ونوع يجب أصلا بنفسه أما الذي يجب بدلا عن الحيض فهو عدة الأشهر في الطلاق ، وسبب وجوبها هو الطلاق ، وهو سبب وجوب عدة الأقراء ، وأنها تجب قضاء لحق النكاح الذي استوفي فيه المقصود ، وشرط وجوبها شيئان : أحدهما - أحد الأشياء الثلاثة : الصغر أو الكبر ، أو فقد الحيض أصلا مع عدم الصغر ، والكبر ، والأصل فيه قوله تعالى { عدة الصغيرة والآيسة والمرأة التي لم تحض رأسا واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } ، والثاني : الدخول أو ما هو في معناه ، وهو الخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح لعموم قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } من غير تخصيص إلا أن الخلوة الصحيحة في النكاح الصحيح ألحقت بالدخول في حق وجوب العدة لما ذكرنا أنها ألحقت به في حق تأكيد كل المهر ففي وجوب العدة أولى احتياطا ، وتجب هذه العدة على الحرة ، والأمة .
وأصل الوجوب أن ما وجبت له لا يختلف ، وهو ما بينا ، وإنما يختلفان في مقدار الواجب على ما نذكر إن شاء الله تعالى
وكذا يستوي فيها المسلمة والكتابية لعموم النص ، وكذا المعنى الذي له وجبت لا يوجب الفصل .
وأما الذي يجب أصلا بنفسه فهو عدة الوفاة ، وسبب وجوبها الوفاة قال الله تعالى { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ، وأنها تجب لإظهار الحزن بفوت نعمة النكاح إذ النكاح كان نعمة عظيمة في حقها فإن الزوج كان سبب صيانتها ، وعفافها ، وإيفائها بالنفقة ، والكسوة ، والمسكن فوجب عليها العدة إظهارا للحزن بفوت النعمة ، وتعريفا لقدرها ، وشرط وجوبها النكاح الصحيح فقط فتجب هذه العدة على المتوفى عنها زوجها ، سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها ، وسواء كانت ممن تحيض أو ممن لا تحيض ; لعموم قوله - عز وجل - { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } ، ولما ذكرنا أنها تجب إظهارا للحزن بفوت نعمة النكاح وقد وجد ، وإنما شرطنا النكاح الصحيح ; لأن الله تعالى أوجبها على الأزواج ولا يصير زوجا حقيقة إلا بالنكاح الصحيح ، وسواء كانت مسلمة أو كتابية تحت مسلم لعموم النص ، ولوجوب المعنى الذي وجبت له ، وسواء كانت حرة أو أمة أو مدبرة أو مكاتبة أو مستسعاة لا يختلف أصل الحكم ; لأن ما وجبت له لا يختلف ، وإنما يختلف القدر لما نذكر .