وأما عدة الأشهر فالكلام فيها في موضعين أيضا : في بيان وفي بيان كيفية ما يعتبر به الانقضاء ، أما الأول فما وجب بدلا عن الحيض ، وهو عدة الآيسة ، والصغيرة ، والبالغة التي لم تر الحيض أصلا فثلاثة أشهر إن كانت حرة لقوله تعالى { مقدارها وما تنقضي به واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } ; ولأن الأشهر في حق هؤلاء تدل على الأقراء ، والأصل مقدر بالثلاث كذا البدل ، سواء وجبت الفرقة بطلاق أو بغير طلاق في النكاح الصحيح لعموم النص أو وجبت بالفرقة في النكاح الفاسد أوبالوطء عن شبهة ; لما ذكرنا في عدة الأقراء .
وكذا إذا وجبت على أم الولد بالعتق أو بموت المولى عندنا خلافا ، وإن كانت أمة فشهر ، ونصف ; لأن حكم البدل حكم الأصل وقد تنصف المبدل فيتنصف البدل ; ولأن الرق متنصف ، والتكامل في عدة الأقراء ثبت لضرورة عدم التجزيء ، والشهر متجزئ فبقي الحكم فيه على الأصل ، ولهذا تتنصف عدتها في الوفاة ، وسواء كان زوجها حرا أو عبدا لما ذكرنا أن للشافعي جانب النساء ، وسواء كانت قنة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة أو مستسعاة عند المعتبر في العدة لما ذكرنا في مدة الأقراء ، وكذا إذا وجبت على أم الولد بالعتق أو بموت المولى عندنا خلافا أبي حنيفة . للشافعي
وما وجب أصلا بنفسه ، وهو عدة المتوفى عنها زوجها فأربعة أشهر وعشر ، وقيل إنما قدرت هذه العدة بهذه المدة إن كانت حرة لقوله عز وجل { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } وقيل : إنما قدرت هذه العدة بهذه المدة ; لأن الولد يكون في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة ثم ينفخ فيه الروح في العشر ، فأمرت بتربص هذه المدة ليستبين الحبل إن كان بها حبل ، وإن كانت أمة فشهران ، وخمسة أيام ; لما بينا بالإجماع ، سواء كانت قنة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة أو مستسعاة عند ، والمسلمة ، والكتابية سواء كان في مقدار هاتين العدتين الحرة كالحرة ، والأمة كالأمة ; لأن ما ذكرنا من الدلائل لا يوجب الفصل بينهما وانقضاء هذه العدة بانقضاء هذه المدة في الحرة ، والأمة . أبي حنيفة