( فصل ) :
( وأما ) بيان ما يعرف به انقضاء العدة ، فما يعرف به انقضاء العدة نوعان : قول ، وفعل ( أما ) القول فهو في مدة يحتمل الانقضاء في مثلها ، فلا بد من بيان أقل المدة التي تصدق فيها المعتدة في إقرارها بانقضاء عدتها ، وجملة الكلام فيه أن المعتدة إن كانت من ذوات الأشهر فإنها لا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر في عدة الطلاق إن كانت حرة ، ومن شهر ، ونصف إن كانت أمة ، وفي عدة الوفاة لا تصدق في أقل من أربعة أشهر وعشر إن كانت حرة ، ومن شهرين ، وخمسة أيام إن كانت أمة ولا خلاف في هذه الجملة ، وإن كانت من ذوات الأقراء فإن كانت معتدة من وفاة فكذلك لا تصدق في أقل مما ذكرنا في الحرة ، والأمة ، وإن كانت معتدة من طلاق : فإن أخبرت بانقضاء عدتها في مدة تنقضي في مثلها العدة يقبل قولها ، وإن أخبرت في مدة لا تنقضي في مثلها العدة لا يقبل قولها إلا إذا فسرت ذلك بأن قالت : أسقطت سقطا مستبين الخلق أو بعضه ، فيقبل قولها ، وإنما كان كذلك ; لأنها أمينة في إخبارها عن انقضاء عدتها فإن الله تعالى ائتمنها في ذلك بقوله عز وجل { إخبار المعتدة بانقضاء العدة ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } قيل في التفسير : إنه الحيض ، والحبل ، والقول قول الأمين مع اليمين كالمودع إذا قال : رددت الوديعة ، أو هلكت ، فإذا أخبرت بالانقضاء في مدة تنقضي في مثلها يقبل قولها ولا يقبل إذا كانت المدة مما لا تنقضي في مثلها العدة ; لأن قول الأمين إنما يقبل فيما لا يكذبه الظاهر .
والظاهر ههنا يكذبها ، فلا يقبل قولها إلا إذا فسرت فقالت : أسقطت سقطا مستبين الخلق أو بعض الخلق ، مع يمينها ، فيقبل قولها مع هذا التفسير ; لأن الظاهر لا يكذبها مع التفسير ، ثم اختلف في أقل ما تصدق فيه المعتدة بالأقراء : قال : أبو حنيفة ستون يوما . أقل ما تصدق فيه الحرة
وقال أبو يوسف : تسعة ، وثلاثون يوما واختلفت الرواية في تخريج قول ، ومحمد فتخريجه في رواية أبي حنيفة محمد أنه يبدأ بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام فتلك ستون يوما ، وتخريجه على رواية الحسن أنه يبدأ بالحيض عشرة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض عشرة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض عشرة أيام فذلك ستون يوما ، فاختلف التخريج مع اتفاق الحكم ، وتخريج قول أبي يوسف أنه يبدأ بالحيض ثلاثة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض ثلاثة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض ثلاثة أيام فذلك تسعة ، وثلاثون يوما وجه قولهما أن المرأة أمينة في هذا الباب ، والأمين يصدق ما أمكن ، وأمكن تصديقها ههنا بأن يحكم بالطلاق في آخر الطهر فيبدأ بالعدة من الحيض فيعتبر أقله ، وذلك ثلاثة ، ثم أقل الطهر ، وهو خمسة عشر يوما ثم أقل الحيض ثم أقل الطهر ثم أقل الحيض [ ص: 199 ] فتكون الجملة تسعة ، وثلاثين يوما وجه قول ، ومحمد على تخريج أبي حنيفة أن المرأة ، وإن كانت أمينة في الأقراء بانقضاء العدة لكن الأمين إنما يصدق فيما لا يخالفه الظاهر ، فأما فيما يخالفه الظاهر ، فلا يقبل قوله ، كالوصي إذا قال : أنفقت على اليتيم في يوم واحد ألف دينار ، وما قالاه خلاف الظاهر ; لأن الظاهر أن من أراد الطلاق فإنما يوقعه في أول الطهر ، وكذا حيض ثلاثة أيام نادر ، وحيض عشرة نادر أيضا فيؤخذ بالوسط ، وهو خمسة ، واعتبار هذا التخريج يوجب أن أقل ما تصدق فيه ستون يوما . محمد
وأما الوجه على تخريج رواية الحسن فهو أن يحكم بالطلاق في آخر الطهر ; لأن الإيقاع في أول الطهر ، وإن كان سنة لكن الظاهر هو الإيقاع في آخر الطهر ; لأنه يجرب نفسه في أول الطهر هل يمكنه الصبر عنها ثم يطلق فكان الظاهر هو الإيقاع في آخر الطهر لا أنه يعتبر مدة الحيض عشرة أيام ، وإن كانت أكثر المدة ; لأنا قد اعتبرنا في الطهر أقله ، فلو نقصنا من العشرة في الحيض للزم النقص في العدة فيفوت حق الزوج من كل وجه فيحكم بأكثر الحيض ، وأقل الطهر رعاية للحقين واعتبار هذا التخريج أيضا يوجب ما ذكرنا ، وهو أن يكون أقل ما تصدق فيه ستون .
وأما فعند الأمة أقل ما تصدق فيه على رواية أبي حنيفة محمد عنه أربعون يوما ، وهو أن يقدر كأنه طلقها في أول الطهر فيبدأ بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض خمسة أيام فذلك أربعون يوما .
وأما على رواية الحسن فأقل ما تصدق فيه خمسة ، وثلاثون يوما ; لأنه يجعل كأن الطلاق وقع في آخر الطهر فيبدأ بالحيض عشرة ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض عشرة فذلك خمسة ، وثلاثون يوما فاختلف حكم روايتهما في الأمة واتفق في الحرة .
وأما على قول أبي يوسف فأقل ما تصدق فيه إحدى ، وعشرون يوما ; لأنهما يقدران الطلاق في آخر الطهر ، ويبتدئان بالحيض ثلاثة أيام ثم بالطهر خمسة عشر يوما ثم بالحيض ثلاثة فذلك أحد ، وعشرون يوما والله الموفق ، ومحمد بأن ولدت امرأته ، وطلقها عقيب الولادة ثم قالت : انقضت عدتي ، قال وأما المعتدة إذا كانت نفساء في رواية أبو حنيفة محمد عنه : لا تصدق الحرة في أقل من خمسة ، وثمانين يوما ; لأنه يثبت النفاس خمسة ، وعشرين ; لأنه لو ثبت أقل من ذلك لاحتاج إلى أن يثبت بعده خمسة عشر يوما طهرا ثم يحكم بالدم فيبطل الطهر ; لأن من أصله أن الدمين في الأربعين لا يفصل بينهما طهر ، وإن كثر حتى لو رأت في أول النفاس ساعة دما ، وفي آخرها ساعة كان الكل نفاسا عنده فجعل النفاس خمسة ، وعشرين يوما حتى يثبت بعده طهر خمسة عشر فيقع الدم بعد الأربعين ، فإذا كان كذلك كان بعد الأربعين خمسة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وخمسة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وخمسة حيضا فذلك خمسة ، وثمانون .
وأما على رواية الحسن عنه ، فلا تصدق في أقل من مائة يوم ; لأنه يثبت بعد الأربعين عشرة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وعشرة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وعشرة حيضا فذلك مائة .
وقال لا تصدق في أقل من خمسة ، وستين يوما ; لأنه يثبت أحد عشر يوما نفاسا ; لأن العادة أن أقل النفاس يزيد على أكثر الحيض ثم يثبت خمسة عشر يوما طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا فذلك خمسة ، وستون يوما . أبو يوسف
وقال لا تصدق في أقل من أربعة ، وخمسين ، وساعة ; لأن أقل النفاس ما وجد من الدم فيحكم بنفاس ساعة ، وبعده خمسة عشر يوما طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر يوما طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا فذلك أربعة وخمسون ، وساعة ، وإن كانت أمة فعلى رواية محمد محمد عن لا تصدق في أقل من خمسة ، وستين يوما ; لأنه يثبت بعد الأربعين خمسة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وخمسة حيضا فذلك خمسة ، وستون ، وعلى رواية أبي حنيفة الحسن عنه لا تصدق في أقل من خمسة ، وسبعين ; لأنه يثبت بعد الأربعين عشرة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وعشرة حيضا فذلك خمسة ، وسبعون .
وقال : لا تصدق في أقل من سبعة ، وأربعين ; لأنه يثبت أحد عشر يوما نفاسا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا فذلك سبعة ، وأربعون يوما . أبو يوسف
وقال : لا تصدق في أقل من ستة ، وثلاثين يوما ، وساعة ; لأنه يثبت ساعة نفاسا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا ، وخمسة عشر طهرا ، وثلاثة حيضا فذلك ستة ، وثلاثون يوما ، وساعة . محمد