وأما الثالث : وهو . بيان من يدخل تحت مطلق اسم المملوك في الإعتاق المضاف إليه ومن لا يدخل
فنقول - وبالله التوفيق - : يدخل تحته عبد الرهن ، الوديعة والآبق والمغصوب والمسلم والكافر والذكر والأنثى لانعدام الخلل في الملك والإضافة ولو قال : عنيت به الذكور دون الإناث لم يدين في القضاء ; لأنه أدخل كلمة الإحاطة على المملوك فإذا نوى به البعض ; فقد نوى تخصيص العموم وإنه خلاف الظاهر فلا [ ص: 73 ] يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه نوى ما يحتمله كلامه ، ويدخل فيه المدبر والمدبرة وأم الولد وولداهما لما قلنا .
ألا ترى أن للمولى أن يطأ المدبرة وأم الولد مع أن حل الوطء منفي شرعا إلا بأحد نوعي الملك مطلقا بقوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } ولا يدخل فيه المكاتب إلا أن يعينه ; لأنه خرج عن يده بعقد الكتابة وصار حرا يدا فاختل الملك والإضافة ، فلا يدخل تحت إطلاق اسم المملوك ، ولهذا لا يحل له وطؤها ، ولو وطئها يلزمه العقر ، وإن عنى المكاتبين عتقوا ; لأن الاسم يحتمل ما عنى ، وفيه تشديد على نفسه فيصدق ، وكذا لا يدخل فيه العبد الذي أعتق بعضه ; لأنه حر عندهما وعنده بمنزلة المكاتبة ، ويدخل عبده المأذون سواء كان عليه دين أو لم يكن لما قلنا .
وأما عبيد عبده المأذون إذا لم يكن عليه دين فهل يدخلون ؟ قال أبو حنيفة : لا يدخلون إلا أن ينويهم ، وقال وأبو يوسف : يدخلون من غير نية ، وجه قوله أنه إذا لم يكن على العبد دين فعبد عبده ملكه بلا خلاف فيعتق ، ولهما أن في الإضافة إليه قصورا ، ألا ترى أنه يقال : هذا عبد فلان ، وهذا عبد عبده ، فلا يدخل تحت مطلق الإضافة إلا بالنية ; لأنه لما نوى فقد اعتبر الملك دون الإضافة ، والحاصل أن محمد يعتبر نفس الملك ولا خلل في نفسه ، وهما يعتبران معه الإضافة وفي الإضافة خلل ، واعتبارهما أولى ; لأن الحالف اعتبر الأمرين جميعا بقوله : كل مملوك لي ، فما لم يوجدا على الإطلاق لا يعتق ، وإن كان على عبده دين محيط برقبته وبما في يده لم يعتق عبيده عند محمدا ، وإن نواهم بناء على أصله أن المولى لا يملك عبد عبده المأذون المديون دينا مستغرقا لرقبته وكسبه ، وقال أبي حنيفة إن نواهم عتقوا ; لأنهم مماليكه إلا أنهم لا يضافون إليه عند الإطلاق ، فإذا نوى وفيه تشديد على نفسه عتقوا ، وعند أبو يوسف يعتقون ، وإن لم ينوهم بناء على ما ذكرنا أن محمد لا ينظر إلا إلى الملك ، وهما ينظران إلى الملك والإضافة جميعا ، ولا يدخل فيه مملوك بينه وبين أجنبي ، كذا قال محمدا ; لأن بعض المملوك لا يسمى مملوكا حقيقة ، وإن نواه عتق استحسانا ; لأنه نوى ما يحتمله لفظه في الجملة وفيه تشديد على نفسه فيصدق وهل يدخل فيه الحمل إن كان أمة في ملكه يدخل ويعتق بعتقها ، وإن كان في ملكه الحمل دون الأمة بأن كان موصى له بالحمل لم يعتق ; لأنه لا يسمى مملوكا على الإطلاق ; لأن في وجوده خطرا ، ولهذا لا يجب على المولى صدقة الفطر عنه ، والدليل عليه أنه لو أبو يوسف لم يعتقا ; لأن شرط الحنث شراء مملوكين ، والحمل لا يسمى مملوكا على الإطلاق ، وكذا لو قال : إن اشتريت مملوكين فهما حران ، فاشترى جارية حاملا ، لم يعتق حملها ، فثبت أن إطلاق اسم المملوك لا يتناول الحمل ، فلا يعتق إلا إذا كانت أمة في ملكه فيعتق بعتقها ; لأنه في حكم أجزائها . قال لأمته : كل مملوك لي غيرك حر