فإن علقت منه ، عتقت الأخرى بالإجماع ; لأنها صارت أم ولد له ، وقد ذكرنا أن الاستيلاد يكون معينا للعتق في الأخرى ، وإن لم تعلق لا تعتق الأخرى في قول ولو كان المملوكان أختين فوطئ المولى إحداهما ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف تعتق ، وروى ومحمد عن ابن سماعة أنه قال : وكذلك أبي يوسف لا تعتق الأخرى في قولهم جميعا ; لأن الاستخدام تصرف لا يختص بالملك إذ قد يستخدم الحرة . لو قبل إحداهما بشهوة أو لمس بشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة ولو استخدم إحداهما
( وجه ) قولهما أن الظاهر من حال العاقل المتدين الإقدام على الوطء الحلال لا الحرام ، وحل الوطء لا يثبت إلا بأحد نوعي الملك ولم يوجد ههنا ملك النكاح ; فتعين ملك اليمين للحل ، وإذا تعينت الموطوءة للملك تعينت الأخرى للعتق ; ولأن الوطء لو لم يجعل بيانا فمن الجائز أن يقع اختياره على الموطوءة ; فيتبين أنه وطئ حرة من غير نكاح فيجعل الوطء بيانا ضرورة التحرج عن الحرام حالا ومآلا ، حتى لو ، لا يكون بيانا بالإجماع ; لأن التدبير لا يزيل ملك الاستمتاع فلا حاجة إلى التحرز بالبيان ; ولهذا جعل الوطء بيانا في الطلاق المبهم حتى لو قال : إحداكما مدبرة ، ثم وطئ إحداهما طلقت الأخرى ، كذا ههنا قال لامرأتيه : إحداكما طالق ، فوطئ إحداهما أن كون الوطء بيانا للعتق في غير الموطوءة يستدعي نزول العتق ; ليكون العتق تعيينا للمعتقة منهما ، والعتق بالكلام السابق غير نازل ; لما بينا من الدلائل ، وهكذا نقول في الطلاق المبهم : إنه غير واقع في غير المعين منهما بل هو معلق بشرط الاختيار ، إلا أن هناك جعل الوطء دلالة الاختيار ولم يجعل ههنا ; لأن الوطء في باب النكاح مستحق على الزوج شرعا ; لقوله عز وجل { ولأبي حنيفة فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } قيل في التفسير : إن الإمساك بالمعروف هو الوطء والنفقة ، وإذا كان الوطء مستحقا بالنكاح عند اختيار الإمساك فإذا قصد وطء إحداهما صار مختارا لإمساكها فيلزمه إيفاء المستحق شرعا ضرورة اختيار الإمساك فيصير مختارا طلاق الأخرى ، والوطء في الأمة غير مستحق بحال فلا يكون وطء إحداهما اختيارا للعتق في الأخرى لو صار مختارا للإمساك إنما يصير ; ليقع وطؤه حلالا تحرجا عن الحرمة ووطؤه إياهما جميعا حلال ، وباختيار إحداهما لا يظهر أن وطء الموطوءة كان حراما ; لأن العتق ثبت حال الاختيار مقصورا عليها .