وكذا لو يؤدى بدل الكتابة إلى المولى ويحكم بعتقه عندنا . مات المكاتب عن وفاء
وعند لا يعتق ويسلم البدل للمولى بناء على أن عقد الكتابة لا ينفسخ بموت المكاتبة عندنا ، كما لا ينفسخ بموت المولى . الشافعي
وعنده ينفسخ بموت [ ص: 155 ] المكاتب ، وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم في المكاتب إذا مات عن وفاء أنه يموت حرا أو عبدا ، قال رضي الله عنه علي رضي الله عنه : يموت حرا فيؤدى بدل كتابته ويحكم بحريته ، وبه أخذ أصحابنا ، وعن وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه يموت عبدا والمال كله للمولى ، وبه أخذ زيد بن ثابت . الشافعي
وجه قول أنه لو عتق لا يخلو إما أن يعتق قبل موته ، وإما أن يعتق بعد موته ، لا سبيل إلى الأول ; لأن العتق معلق بأداء البدل ، والأداء لم يوجد قبل الموت ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأن محل العتق قد فات ; لأن محله الرق ، وقد فات بالموت ، وإثبات الشيء في غير محله محال ، فامتنع القول بالعتق ، ولا يقال : إنه يعتق مستندا إلى آخر جزء من أجزاء حياته ، وهو قابل للعتق في ذلك الوقت ; لأن الأصل فيما يثبت مستندا أنه يثبت للحال ، ثم يستند . الشافعي
ألا ترى أن من باع مال الغير توقف على إجازة المالك عندكم ، فإن هلك المال ، ثم أجاز المالك لا تلحقه الإجازة ; لأن الحكم يثبت عند الإجازة مستندا ، فيراعى قيام محل الحكم للحال ، والمحل ههنا لا يحتمل العتق للحال ، فلا يستند ، ولنا ما روي عن أنه قال : قلت قتادة : إن لسعيد بن المسيب قال في المكاتب إذا مات عن وفاء وعليه دين بدئ بدين الكتابة ، ثم بالدين . شريحا
فقال : أخطأ سعيد ، وإن كان قاضيا ، فإن شريح رضي الله عنه يقول : إن المكاتب إذا مات عن وفاء وعليه دين بدئ بالدين ، ثم بالكتابة ، فاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في الترتيب والميل على اتفاقهم على بقاء عقد الكتابة بعد الموت ، فرواية زيد بن ثابت تشير إلى إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ما قلنا ، ومثله لا يكذب فلا يعتد بخلاف قتادة ; لأن العتق في الحقيقة معلق بسلامة البدل للمولى إما صورة ومعنى بالاستيفاء ، وإما معنى لا صورة بأخذ العوض أو الإبراء لا بصورة الأداء من المكاتب ; لأن العتق يثبت من غير أداء أصلا بأخذ المولى وبالإبراء ، وقد سلم البدل للمولى إما صورة ومعنى بالاستيفاء وإما معنى لا صورة بالإبراء أما طريق الاستيفاء فلأن هذا عقد معاوضة بين المولى والمكاتب ، وحكمه في جانب المولى ملك البدل وسلامته ، وفي جانب المكاتب سلامة رقبته بالحرية وسلامة أولاده وأكسابه حال سلامة البدل للمولى ، وفي الحال زوال يد المولى عنه وصيرورته أحق بمنافعه ومكاسبه ، وقد ثبت الملك في المبدل للمولى في ذمة العبد للحال ، حتى لو تبرع عنه إنسان بالأداء وقبل المولى صح ، ولو أبرأه جاز الإبراء ويعتق . الشافعي