ومنها حتى لو أنه لازم حتى لا يقدر المعتق على إبطاله ، بأن أعتقه وشرط أن يكون سائبة لا ولاية له عليه ، كان شرطه باطلا وولاؤه له عند عامة العلماء وقال أعتق عبده سائبة : ولاؤه لجميع المسلمين والصحيح قول العامة ; لقوله صلى الله عليه وسلم { مالك } . الولاء لمن أعتق
وكذا لا يملك نقله إلى غيره حتى لا يجوز بيعه [ ص: 167 ] وهبته والتصدق به ، والوصية وهذا قول عامة العلماء .
وقال بعضهم : يملك نقله بالبيع وغيره واحتجوا بما روي أن أسماء رضي الله عنها أعتقت عبدا فوهبت الولاء رضي الله عنهما . لابن مسعود
ولنا قوله صلى الله عليه وسلم { : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب } .
ولأن محل هذه التصرفات المال ، والولاء ليس بمال فلا يجوز بيعه كالنسب .
وأما ما روي عن أسماء رضي الله عنها فيحتمل أن يكون معناه وهبت له ما استحقت بالولاء وهو المال فرواه الراوي ولاء لكونه مستحقا بالولاء أو يحمل على هذا توفيقا بين الدلائل ، وكذا إذا فالشرط باطل ويكون ولاؤه للمشتري إذا باع عبدا وشرط على المشتري أن يكون ولاؤه له لم يصح ، ويكون ولاؤه له لما روي { أعتق عبده وشرط أن يكون ولاؤه لجماعة المسلمين رضي الله عنها لما اشترت عائشة بريرة شرط عليها أن يكون ولاؤها لمواليها فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في خطبته ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل وإن كان مائة شرط } أن ينظر فيه إن ثبت بإيقاع العتق فيه لا يتحول أبدا ; لقوله صلى الله عليه وسلم { وهل يحتمل الولاء التحول من محل إلى محل ؟ } ألزم الولاء المعتق وإن ثبت بحصول العتق لغيره ، تبعا يتحول إذا قام دليل التحول ، وبيان هذه الجملة عند تزوج أمة لقوم فولدت منه ولدا فأعتقها مولاها وولدها أو كانت حبلى به حين أعتقها أو أعتقها فولدت بعد العتق لأقل من ستة أشهر ، أو كانت معتدة من طلاق أو موت فولدت لتمام سنتين من يوم الموت أو الطلاق وقد أعتق الأب رجل آخر كان ولاء الولد للذي أعتقه مع أمه ، ولا يتحول إلى مولى أبيه وإن أعتق أبوه بعد ذلك ; لأنه لما أعتقهما فقد ثبت ولاء الولد بإيقاع العتق فيه فلا يحتمل التحول ، وكذا إذا أعتقها وهي حبلى لما قلنا ، وكذا إذا أعتقها ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الإعتاق لأنا تيقنا بكونه في البطن وقت الإعتاق ; لأن الولد يولد لأقل من ستة أشهر فيثبت ولاؤه بالإعتاق فلا يتحول ، ولو جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا يتحول ولاؤه إلى موالي الأب ; لأنا لم نعلم يقينا أنه كان في البطن وقت إعتاق الأم فيجعل كأنها حبلت بعد العتق فيكون حرا تبعا للأم ، ويثبت له الولاء من موالي أمه على جهة التبعية ، وولاء الولد إذا ثبت لموالي الأم على وجه التبعية يتحول إلى موالي الأب إذا أعتق الأب لما نذكر إن شاء الله عز وجل وإذا كانت الأم معتدة من طلاق أو موت فإن نسب الولد يثبت إلى سنتين ; لأن الوطء كان حراما فيجعل مدة الحمل سنتين ويحكم بكون الولد في البطن يوم الإعتاق ، فإذا حكمنا بوجوده يوم الإعتاق يثبت الولاء بالإعتاق فلا يتحول إلى غيره وإذا الولاء لمن أعتق عتق الولد بعتقها ; لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية فإن أعتق أبوه جر ولاء الولد إلى مولاه . كانت المعتقة تحت مملوك فولدت
هكذا روي عن رضي الله عنه أنه قال : إذا كانت الحرة تحت مملوك فولدت عتق الولد بعتقها ، فإذا أعتق أبوه جر الولاء . عمر بن الخطاب
وعن رضي الله عنه أنه أبصر فتية لعساء أعجبه ظرفهم ، وأمهم مولاة الزبير بن العوام رضي الله عنه وأبوهم عبد لبعض ( الحرقة ) من لرافع بن خديج جهينة أو لبعض أشجع فاشترى أباهم فأعتقه ، ثم قال : انتسبوا إلي ، وقال الزبير : بل هم موالي فاختصما إلى رافع رضي الله عنه في ولاء الولد فقضى بولائهم عثمان . للزبير
يعني أن الأب جر ولاء ولده إلى مولاهم وهو حين أعتقه الزبير وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينقل أنه أنكر عليه أحد فيكون إجماعا ولأن الأصل في الولاء هو الأب لأن الولاء لحمة كلحمة النسب ، والأب هو الأصل في النسب حتى ينسب الولد إلى الأب ولا ينسب إلى الأم إلا عند تعذر النسبة إلى الأب ، وكذا في اعتبار الولاء وإنما يعتبر جانب الأم عند تعذر الاعتبار من جانب الأب بأن لم يكن من أهل الولاء ولا تعذر ههنا فيعتبر جانبه ، ولأن الإرث بالولاء من طريق العصوبة ، والتعصيب من قبل الأب أقوى فكان أولى ، ولو الزبير كان ولاء ولده لموالي الأم أبدا لتعذر اعتبار جانب الأب . مات الأب عبدا ولم يعتق
بأن كان للأب الذي هو عبد أب عبد ، وهو جد الصبي فأعتق الجد ، والأب عبد على حاله قال عامة العلماء : لا يجر ولا يكون مسلما بإسلام الجد ، وولاء أولاد ابنه العبد لموالي الأم لا لموالي الجد ، وقال وأما الجد فهل يجر ولاء الحافد الشعبي : يجر ، ويكون مسلما بإسلام الجد ، وجه قوله : إن الجد يقوم مقام الأب في الولاية فإن الأب إذا كان عبدا تتحول الولاية إلى الجد ، فكذا يقوم مقامه في جر الولاء والإسلام ، ولنا أن الأب [ ص: 168 ] فاصل بين الابن والجد ، فلا يكون الابن تابعا له في الولاء والإسلام ، لأن الجد لو جر الولاء لكان لا يثبت الولاء لموالي الأم رأسا ، إذ لا شك أن أصله يكون حرا أما من الجد أي لأبيه أو من قبله من الأجداد إلى آدم صلى الله عليه وسلم فلما ثبت الولاء لموالي الأم في الجملة ثبت أن الجد لا يجر ، وكذا لا يصير مسلما بإسلام الجد ; لأنه لو صار مسلما بإسلامه لصار مسلما بإسلام جد الجد ، ولكان الناس كلهم مسلمين بإسلام آدم صلى الله عليه وسلم وينبغي أن لا يجوز استرقاق أحد ، والمعلوم بخلافه فثبت أن القول بجعل الولد تابعا للجد في الولاء باطل .