والثانية أن هو الصحيح من مذهب أصحابنا في الأمر المطلق عن الوقت حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الإمكان ويكون مؤديا لا قاضيا . الكفارات كلها واجبة على التراخي
ومعنى الوجوب على التراخي هو أن يجب في جزء من عمره غير عين ، وإنما يتعين بتعيينه فعلا ، أو في آخر عمره ; بأن أخره إلى وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤد فيه لفات ، فإذا أدى فقد أدى الواجب ، وإن لم يؤد حتى مات أثم لتضييق الوجوب عليه في آخر العمر ، وهل يؤخذ من تركته ؟ ينظر إن كان لم يوص لا يؤخذ ويسقط في حق أحكام الدنيا عندنا كالزكاة والنذر ، ولو تبرع عنه ورثته جاز عنه في الإطعام والكسوة ، وأطعموا في كفارة اليمين عشرة مساكين أو كسوتهم ، وفي كفارة الظهار والإفطار أطعموا ستين مسكينا ولا يجبرون عليه ، ولا يجوز أن يعتقوا عنه لأن لا يصح ، ولا أن يصوموا عنه لأنه عبادة بدنية محضة فلا تجري فيه النيابة . التبرع بالإعتاق عن الغير
وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { } ، وإن كان أوصى بذلك يؤخذ من ثلث ماله لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد لأنه لما أوصى فقد بقي ملكه في ثلث ماله ، وفي كفارة القتل والظهار والإفطار تحرير رقبة إن بلغ ثلث ماله قيمة الرقبة ، وإن لم يبلغ أطعم ستين مسكينا في كفارة الظهار والإفطار ، ولا يجب الصوم فيها وإن أوصى لأن الصوم نفسه لا يحتمل النيابة ، [ ص: 97 ] ولا يجوز الفداء عنه بالطعام لأنه في نفسه بدل والبدل لا يكون له بدل ، ولو فيطعم الوصي في كفارة اليمين عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة يستأنف فيغدي ويعشي غيرهم لأنه لا سبيل إلى تفريق الغداء والعشاء على شخصين لما نذكر ، ولا يضمن الوصي شيئا لأنه غير متعد إذ لا صنع له في الموت ، ولو أوصى أن يطعم عنه عشرة مساكين عن كفارة يمينه ثم مات فغدى الوصي عشرة ثم ماتوا يعشوا عشرة غيرهم لأنه لم يأمر بذلك على وجه الكفارة ، ألا ترى أنه لم يسم كفارة فكان سببه النذر فجاز التفريق والله - تعالى عز شأنه - أعلم . قال أطعموا عني عشرة مساكين غداء وعشاء ولم يسم كفارة فغدوا عشرة ثم ماتوا