( وأما ) فهو أن تكون النية مقارنة لفعل التكفير ، فإن لم تقارن الفعل رأسا ، أو لم تقارن فعل التكفير بأن تأخرت عنه لم يجز ; لأن اشتراط النية لتعيين المحتمل وإيقاعه على بعض الوجوه ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كانت مقارنة للفعل ، ولأن النية هي الإرادة ، والإرادة مقارنة للفعل كالقدرة الحقيقية لأن بها يصير الفعل اختياريا ، وعلى هذا يخرج ما إذا شرط جواز النية يمينه أو ظهاره أو إفطاره أو قتله أجزأه عندنا استحسانا . اشترى أباه أو ابنه ينوي به العتق عن كفارة
والقياس أن لا يجزيه ، وهو قول زفر رحمهما الله بناء على أن شراء القريب إعتاق عندنا ، فإذا اشتراه ناويا عن الكفارة فقد قارنت النية الإعتاق فجاز ، وعندهما العتق يثبت بالقرابة والشراء شرط فلم تكن النية مقارنة لفعل الإعتاق فلا يجوز ( وجه ) القياس أن الشراء ليس بإعتاق حقيقة ولا مجازا ، أما الحقيقة فلا شك في انتفائها لأن واضع اللغة ما وضع الشراء للإعتاق ، ( وأما ) المجاز فلأن المجاز يستدعي المشابهة في المعنى اللازم المشهور في محل الحقيقة ولا مشابهة ههنا أصلا ، لأن الشراء تملك والإعتاق إزالة الملك ، وبينهما مضادة . والشافعي
( ولنا ) ما روى أبو داود في سننه بإسناد عن رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { أبي هريرة } سماه معتقا عقيب الشراء ولا فعل منه بعد الشراء ، فعلم أن الشراء وقع إعتاقا منه عقلنا وجه ذلك أو لم نعقل ، فإذا نوى عند الشراء الكفارة فقد اقترنت النية بفعل الإعتاق فجاز ، وقولهما " الشراء ليس بإعتاق حقيقة " ممنوع بل هو إعتاق حقيقة لكن حقيقة شرعية لا وضعية ، والحقائق أنواع : وضعية وشرعية وعرفية على ما عرف في أصول الفقه ، وكذلك إذا وهب له أو أوصى له به فقبله لأنه يعتق بالقبول فقارنت النية فعل الإعتاق ، وإن ورثه ناويا عن الكفارة لم يجز لأن العتق ثبت من غير صنعه رأسا فلم يوجد قران النية الفعل فلا يجوز . لن يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه
وعلى هذا يخرج ما إذا لم يجز لأن العتق عند الشراء يثبت بالكلام السابق ولم تقارنه النية ، حتى قال لعبد الغير : إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا عن الكفارة أو غير ذلك يجزيه لقران النية كلام الإعتاق ولو لو قال : إن اشتريت فلانا فهو حر عن كفارة يميني أو ظهاري فهو حر عن الظهار ; لأنه لما قال إن اشتريته فهو حر عن كفارة قتلي فقد أراد فسخ الأول ، واليمين لا تحتمل الفسخ ، وكذلك لو قال : إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهاري ، ثم قال بعد ذلك : ما اشتريته فهو حر عن كفارة قتلي ، ثم اشتراه كان تطوعا لأنه بالأول علق عتقه تطوعا بالشراء ، ثم أراد بالثاني فسخ الأول ، واليمين لا يلحقها الفسخ والله - عز شأنه - أعلم . قال : إن اشتريته فهو حر تطوعا ، ثم قال : إن اشتريته فهو حر عن ظهاري ، ثم اشتراه