( وأما ) الذي يرجع إلى فالمقدار في التمليك هو نصف صاع [ ص: 102 ] من حنطة أو صاع من شعير أو صاع من تمر كذا روي عن سيدنا مقدار ما يطعم وسيدنا عمر وسيدتنا علي عائشة ، وذكر في الأصل بلغنا عن سيدنا رضي الله عنه أنه قال عمر بن الخطاب ليرفأ مولاه : إني أحلف على قوم لا أعطيهم ثم يبدو لي فأعطيهم ، فإذا أنا فعلت ذلك فأط عم عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر ، وبلغنا عن سيدنا رضي الله عنه أنه قال في كفارة اليمين : إطعام عشرة مساكين نصف صاع من حنطة ، وبه قال جماعة من التابعين : علي سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإبراهيم ومجاهد والحسن وهو قول أصحابنا رضي الله عنهم .
وروي عن رضي الله عنهما ابن عباس وابن سيدنا عمر رضي الله عنهم ، ومن التابعين وزيد بن ثابت وغيره : لكل مسكين مد من حنطة ، وبه أخذ عطاء مالك رحمهما الله . والشافعي
والترجيح لقول سيدنا وسيدنا عمر وسيدتنا علي عائشة - رضوان الله عليهم لقوله - تعالى عز اسمه - : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } ، والمد ليس من الأوسط بل أوسط طعام الأهل يزيد على المد في الغالب ، ولأن هذه صدقة مقدرة بقوت مسكين ليوم فلا تنقص عن نصف صاع كصدقة الفطر والأذى ، فإن فعليه أن يعيد عليهم مدا مدا ، فإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام لأن المقدار أن لكل مسكين في التمليك مدا فلا يجوز أقل من ذلك ، أعطى عشرة مساكين كل مسكين مدا من حنطة ، ويعتبر فيه تمام الكيل ولا يعتبر فيه القيمة كالحنطة لأنه حنطة إلا أنه فرقت أجزاؤها بالطحن . ويجوز في التمليك الدقيق والسويق
وهذا التفريق تقريب إلى المقصود منها فلا تعتبر فيه القيمة ، ويعتبر في تمليك المنصوص عليه تمام الكيل ولا يقوم البعض مقام بعض باعتبار القيمة إذا كان أقل من كيله حتى لو لا يجوز لأنه منصوص عليه فيقع عن نفسه لا عن غيره فأما الأرز والذرة والجاروس فلا يقوم مقام الحنطة والشعير في الكيل لأنه غير منصوص عليه ، وإنما جوازه باعتبار القيمة فتعتبر قيمته كالدراهم والدنانير وهذا عند أصحابنا رحمهم الله وعند أعطى نصف صاع من تمر تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من حنطة رحمه الله لا يجوز إلا إذا عين المنصوص عليه . الشافعي