( وأما ) فهي أنها لا تجوز إلا على سبيل التمليك بخلاف الإطعام عندنا ; لأن الكسوة لدفع حاجة الحر والبرد وهذه الحاجة لا تندفع إلا بتمليك لأنه لا ينقطع حقه إلا به ، فأما الإطعام فلدفع حاجة الجوع وذلك يحصل بالطعم لأن حقه ينقطع به ، ويجوز صفة الكسوة كما يجوز عن الطعام عندنا خلافا أداء القيمة عن الكسوة رحمه الله ولو للشافعي جاز عندنا ، وعند دفع كسوة عشرة مساكين إلى مسكين واحد في عشرة أيام لا يجوز إلا عن مسكين واحد كما في الإطعام ، ولو الشافعي فإن أخرج ذلك على وجه المنصوص عليه لا يجوز لما ذكرنا أن الله - تبارك وتعالى - أوجب أحد شيئين ، فلا يجمع بينهما وإن أخرجه على وجه القيمة فإن كان الطعام أرخص من الكسوة أجزأه وإن كانت الكسوة أرخص من الطعام لم يجزه لأن الكسوة تمليك فجاز أن تكون بدلا عن الطعام ثم إذا كانت قيمة الكسوة مثل قيمة الطعام فقد أخرج الطعام ، وإن كانت أغلى فقد أخرج قيمة الطعام وزيادة فجاز ، وصار كما لو أطعم خمسة مساكين طعام الإباحة ، وأدى قيمة طعام خمسة مساكين طعام الإباحة ، وأداء قيمة طعام خمسة مساكين أو أكثر جائز عندنا كذا هذا وإذا كانت قيمة الكسوة أرخص من قيمة الطعام ، لا يكون الطعام بدلا عنه لأن طعام الإباحة ليس بتمليك فلا يقوم مقام التمليك ، وهو الكسوة ; لأن الشيء لا يقوم مقام ما هو فوقه ، ولو أعطى خمسة مساكين وكسا خمسة جاز ، وجعل أغلاهما ثمنا بدلا عن أرخصهما ثمنا أيهما كان ; لأن كل واحد منهما تمليك فجاز أن [ ص: 107 ] يكون أحدهما بدلا عن الآخر ( وأما ) أطعم خمسة مساكين على وجه الإباحة وكسا خمسة مساكين ، فمصرفها هو مصرف الطعام ، وقد ذكرناه . مصرف الكسوة