( وأما ) بيان أنواع المحرمات والمحللات المجموعة فيه فنقول وبالله تعالى التوفيق المحرمات المجموعة في هذا الكتاب في الأصل نوعان نوع ثبتت حرمته في حق الرجال والنساء جميعا ونوع ثبتت حرمته في حق الرجال دون النساء ( أما ) الذي ثبتت حرمته في حق الرجال والنساء جميعا فبعضها مذكور في مواضعه في الكتب فلا نعيده ونذكر ما لا ذكر له في الكتب ونبدأ بما بدأ به رحمه الله الكتاب وهو محمد والكلام فيها في ثلاث مواضع أحدها في بيان ما يحل من ذلك ويحرم للرجل من المرأة والمرأة من الرجل والثاني في بيان ما يحل ويحرم للرجل من الرجل والثالث في بيان ما يحل ويحرم للمرأة من المرأة . حرمة النظر والمس
( أما ) الأول فلا يمكن الوصول إلى معرفته إلا بعد معرفة أنواع النساء فنقول وبالله تعالى التوفيق النساء في هذا الباب سبعة أنواع نوع منهن المنكوحات ونوع منهن المملوكات ونوع منهن ذوات الرحم المحرم [ ص: 119 ] وهو الرحم المحرم للنكاح كالأم والبنت والعمة والخالة ونوع منهن ذوات الرحم بلا محرم وهن المحارم من جهة الرضاع والمصاهرة ونوع منهن مملوكات الأغيار ونوع منهن من لا رحم لهن أصلا ولا محرم وهن الأجنبيات الحرائر ونوع منهن ذوات الرحم بلا محرم وهو الرحم الذي لا يحرم النكاح كبنت العم والعمة والخال والخالة ( أما ) النوع الأول وهن المنكوحات فيحل لأنه يحل له وطؤها لقوله تعالى { للزوج النظر إلى زوجته ومسها من رأسها إلى قدمها والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } وأنه فوق النظر والمس فكان إحلالا لهما من طريق الأولى إلا أنه لا يحل له وطؤها في حالة الحيض لقوله تبارك وتعالى { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } فصارت حالة الحيض مخصوصة عن عموم النص الذي تلونا .
وهل يحل الاستمتاع بها فيما دون الفرج ؟ اختلف فيه قال وأبو يوسف رضي الله عنهما لا يحل أبو حنيفة وقال الاستمتاع بما فوق الإزار رحمه الله يجتنب شعار الدم وله ما سوى ذلك واختلف المشايخ في تفسير قولهما بما فوق الإزار قال بعضهم المراد منه ما فوق السرة فيحل الاستمتاع بما فوق سرتها ولا يباح بما تحتها إلى الركبة وقال بعضهم المراد منه مع الإزار فيحل الاستمتاع بما تحت سرتها سوى الفرج لكن مع المئزر لا مكشوفا ويمكن العمل بعموم قولهما بما فوق الإزار لأنه يتناول ما فوق السرة وما تحتها سوى الفرج مع المئزر إذ كل ذلك فوق الإزار فيكون عملا بعموم اللفظ والله سبحانه وتعالى أعلم . محمد
( وجه ) قول ظاهر قوله تبارك وتعالى { محمد ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } جعل الحيض أذى فتختص الحرمة بموضع الأذى وقد روي أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها سئلت عما يحل للرجل من امرأته الحائض فقالت يتقي شعار الدم وله ما سوى ذلك ( ووجه ) قولهما ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { لنا ما تحت السرة وله ما فوقها } وروي { أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام كن إذا حضن أمرهن أن يتزرن ثم يضاجعهن } ولأن الاستمتاع بها بما يقرب من الفرج سبب الوقوع في الحرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } وفي رواية { ألا إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه } والمستمتع بالفخذ يحوم حول الحمى ويرتع حوله فيوشك أن يقع فيه دل أن الاستمتاع به سبب الوقوع في الحرام . من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه
وسبب الحرام حرام أصله الخلوة بالأجنبية ( وأما ) الآية الكريمة فحجة عليه لأن ما حول الفرج لا يخلو عن الأذى عادة فكان الاستمتاع به استعمال الأذى وقول سيدتنا عائشة رضي الله عنها له ما سوى ذلك أي مع الإزار فحمل على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض وكذلك لأنه حل لها ما هو أكثر من ذلك وهو التمكين من الوطء فهذا أولى ويحل المرأة يحل لها النظر إلى زوجها واللمس من فرقه إلى قدمه لأن الاستمتاع به حلال فالنظر إليه أولى إلا أن الأدب غض البصر عنه من الجانبين لما روي عن سيدتنا النظر إلى عين فرج المرأة المنكوحة عائشة رضي الله عنها أنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نظرت إلى ما منه ولا نظر إلى ما مني ولا يحل لأن الله تعالى عز شأنه نهى عن قربان الحائض ونبه على المعنى وهو كون المحيض أذى والأذى في ذلك المحل أفحش وأذم فكان أولى بالتحريم وروي عن سيدنا إتيان الزوجة في دبرها رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { علي محمد صلى الله عليه وسلم } { من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فهو كافر بما أنزل على } أي أدبارهن . نهى عن إتيان النساء في محاشهن
وعلى ذلك جاءت الآثار من الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم أنها سميت اللوطية الصغرى ولأن حل الاستمتاع في الدنيا لا يثبت لحق قضاء الشهوات خاصة لأن لقضاء الشهوات خاصة دارا أخرى وإنما يثبت لحق قضاء الحاجات وهي حاجة بقاء النسل إلى انقضاء الدنيا إلا أنه ركبت الشهوات في البشر للبعث على قضاء الحاجات وحاجة النسل لا تحتمل الوقوع في الأدبار فلو ثبت الحل لثبت لحق قضاء الشهوة خاصة والدنيا لم تخلق له .