ولو بأن جمع بين حر ، وعبد أو بين عصير ، وخمر أو بين ذكية ، وميتة ، وباعهما صفقة واحدة ، فإن لم يبين حصة كل ، واحد منهما من الثمن لم ينعقد العقد أصلا بالإجماع ، وإن بين فكذلك عند جمع بين ما هو مال ، وبين ما ليس بمال في البيع ، وعندهما يجوز في العصير ، والعبد ، والذكية ، ويبطل في الحر ، والخمر ، والميتة ، ولو جمع بين قن ، ومدبر أو أم ولد ، ومكاتب أو بين عبده ، وعبد غيره ، وباعهما صفقة واحدة ; جاز البيع في عبده بلا خلاف . أبي حنيفة
( وجه ) قولهما أن الفساد بقدر المفسد ; لأن الحكم يثبت بقدر العلة ، والمفسد خص أحدهما ، فلا يتعمم الحكم مع خصوص العلة ، فلو جاء الفساد إنما يجيء من قبل جهالة الثمن ، فإذا بين حصة كل ، واحد منهما من الثمن ; فقد زال هذا المعنى أيضا ، ولهذا جاز إذا جمع بينه ، وبين المدبر أو المكاتب أو أم الولد ، وباعهما صفقة واحدة ، كذا هذا ، بيع القن رضي الله عنه أن الصفقة واحدة ، وقد فسدت في أحدهما فلا تصح في الآخر . ولأبي حنيفة
والدليل على أن الصفقة واحدة أن لفظ البيع والشراء لم يتكرر ، والبائع ، واحد ، والمشتري واحد ، وتفريق الثمن وهو التسمية لكل واحد منهما لا يمنع اتحاد الصفقة ، دل أن الصفقة واحدة ، وقد فسدت في أحدهما بيقين لخروج الحر والخمر والميتة عن محلية البيع بيقين ، فلا يصح في الآخر لاستحالة كون الصفقة الواحدة صحيحة وفاسدة ، ولهذا لم يصح إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فكذا إذا سمى ; لأن التسمية وتفريق الثمن لا يوجب تعدد الصفقة لاتحاد البيع والعاقدين بخلاف الجمع بين العبد والمدبر ; لأن هناك الصفقة ما فسدت في أحدهما بيقين بل بالاجتهاد الذي يحتمل الصواب والخطأ فاعتبر هذا الاحتمال في تصحيح الإضافة إلى المدبر ; ليظهر في حق القن إن لم يمكن إظهاره في حقه ، ولأنه لما جمع بينهما في الصفقة قد جعل قبول العقد في أحدهما شرط القبول في الآخر بدليل أنه لو قبل العقد في أحدهما دون الآخر لا يصح ، والحر لا يحتمل قبول العقد فيه ، فلا يصح القبول في الآخر بخلاف المدبر ; لأنه محل لقبول العقد فيه في الجملة ، فصح قبول العقد فيه إلا أنه تعذر إظهاره فيه بنوع اجتهاد فيجب إظهاره في القن ; ولأن في تصحيح العقد في [ ص: 146 ] أحدهما تفريق الصفقة على البائع قبل التمام ; لأنه أوجب البيع فيهما ، فالقبول في أحدهما يكون تفريقا ، وهذا لا يجوز بخلاف ما إذا جمع بين القن والمدبر ، لأن المدبر محل لقبول البيع فيه لكونه مملوكا له إلا أنه لم ينفذ للحال مع احتمال النفاذ في الجملة بقضاء القاضي لحق المدبر .
وهذا يمنع محلية القبول في حق نفسه لا في صاحبه فيجعل محلا في حق صاحبه ، والدليل على التفرقة بين الفصلين أن الحكم ههنا يختلف بين أن يسمي لكل واحد منهما ثمنا أو لا يسمي ، وهناك لا يختلف دل أن الفرق بينهما لما ذكرنا ، وعلى هذا الخلاف إذا ثم إذا جاز البيع في أحدهما عندهما فهل يثبت الخيار فيه إن علم بالحرام ؟ يثبت ; لأن الصفقة تفرقت عليه ، وإن لم يعلم لا ; لأنه رضي بالتفريق ، والله - سبحانه ، وتعالى - أعلم . جمع بين شاة ذكية ، وبين متروك التسمية عمدا