وعلى هذا يخرج وهو أن ضربة الغائص وهو فاسد ; لأن المبيع مجهول وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { يقول الغائص للتاجر : أغوص لك غوصة فما أخرجته فهو لك بكذا } وعلى هذا يخرج أجناس هذه المسائل نهى عن ضربة الغائص جائز وبيع رقبة الطريق وهبته منفردا فاسد . وبيع مسيل الماء وهبته منفردا
( ووجه ) الفرق أن الطريق معلوم الطول والعرض ; فكان المبيع معلوما فجاز بيعه بخلاف المسيل فإنه مجهول القدر ; لأن القدر الذي يشغل الماء من النهر غير معلوم ; فكان المبيع مجهولا فلم يجز .
( وأما ) العلم بأوصاف المبيع والثمن فهل هو شرط لصحة البيع بعد العلم بالذات والجهل بها هل هو مانع من الصحة ؟ قال أصحابنا : ليس بشرط الصحة ، والجهل بها ليس بمانع من الصحة لكنه شرط اللزوم فيصح بيع ما لم يره المشتري لكنه لا يلزم وعند رحمه الله كون المبيع معلوم الذات والصفة من شرائط الصحة حتى لا يجوز الشافعي . بيع ما لم يره المشتري عنده
( وجه ) قوله أن جهالة الذات إنما منعت صحة العقد لإفضائها إلى المنازعة ; لأن الأعيان تختلف رغبات الناس فيها لاختلاف ماليتها فالبائع إذا سلم عينا فمن الجائز أن يطلب المشتري عينا أخرى أجود منها باسم الأولى فيتنازعان وجهالة الوصف مفضية إلى المنازعة أيضا ; لأن الغائب عن المجلس إذا أحضره البائع فمن الجائز أن يقول المشتري : هذا ليس عين المبيع بل مثله من جنسه فيقعان في المنازعة بسبب عدم الرؤية ولأن عدم الرؤية يوجب تمكن الغرر في البيع { } وبيان تمكن الغرر أن الغرر هو الخطر وفي هذا البيع خطر من وجوه : أحدها : في أصل المعقود عليه ، والثاني : في وصفه ; لأن دليل الوجود إذا كان غائبا هو الخبر ، وخبر الواحد يحتمل الصدق والكذب فيتردد المعقود عليه بأصله ووصفه بين الوجود والعدم ، والثالث في وجود التسليم وقت وجوبه ; لأن وقت الوجوب وقت نقد الثمن وقد يتفق النقد وقد لا يتفق ، والغرر من وجه واحد يكفي لفساد العقد فكيف من وجوه ثلاثة ؟ وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فيه غرر } وعند كلمة حضرة والغيبة تنافيها ، والخلاف في البيع والشراء خلاف واحد . : لا تبع ما ليس عندك
( ولنا ) عمومات البيع من غير فصل ونص خاص وهو ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { } ولا خيار شرعا إلا في بيع مشروع ولأن ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى محل هو خالص ملكه فيصح كشراء المرئي ; وهذا لأن وجود التصرف حقيقة بوجود ركنه ، ووجوده شرعا لصدوره من أهله وحلوله في محله ، وقوله : جهالة الوصف تفضي إلى المنازعة ممنوع ; لأنه صدقه في خبره حيث اشتراه فالظاهر أنه لا يكذبه ودعوى الغرر ممنوعة فإن الغرر هو الخطر الذي استوى فيه طرف الوجود والعدم بمنزلة الشك ، وههنا ترجح جانب الوجود على جانب العدم بالخبر الراجح صدقه على كذبه ; فلم يكن فيه غرر على أنا إن سلمنا أن الغرر اسم لمطلق الخطر لكن لم قلتم : إن كل غرر يفسد العقد ؟ وأما الحديث فيحتمل أن يكون الغرر هو الخطر ويحتمل أن يكون من الغرر فلا يكون حجة مع الاحتمال أو نحمله على الغرر في صلب العقد بالتعليق بشرط أو بالإضافة إلى وقت عملا بالدلائل كلها . من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه
وأما الحديث الثاني فيحتمل أن يكون المراد منه بيع ما ليس بمملوك له عن نفسه لا بطريق النيابة عن مالكه أو بيع شيء مباح على أن يستولي عليه فيملكه فيسلمه وهذا يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { } . بيع السمك في الماء غرر