، وأما ( فمنها ) شرائط ثبوت الخيار حتى لو حدث بعد ذلك لا يثبت الخيار ; لأن ثبوته لفوات صفة السلامة المشروطة في العقد دلالة ، وقد حصلت السلعة سليمة في يد المشتري ( ومنها ) ثبوته عند المشتري بعد ما قبض المبيع ، ولا يكتفى بالثبوت عند البائع لثبوت حق الرد في جميع العيوب عند عامة المشايخ ، وقال بعضهم : فيما سوى العيوب الأربعة من الإباق ، والسرقة ، والبول في [ ص: 276 ] الفراش ، والجنون ، فكذلك ، فأما في العيوب الأربعة ، فثبوتها عند المشتري ليس بشرط بل الثبوت عند البائع كاف ، وبعضهم فصل في العيوب الأربعة ، فقال : لا يشترط في الجنون ، ويشترط في غيره من العيوب الثلاثة . ثبوت العيب عند البيع أو بعده قبل التسليم
( وجه ) قول من فصل هذه العيوب الأربعة من سائرها في اعتبار هذا الشرط أن هذه العيوب عيوب لازمة لا زوال لها إذا ثبتت في شخص إلى أن يموت ، فثبوتها عند البائع يدل على بقائها عند المشتري ، فكان له حق الرد من غير أن يظهر عنده بخلاف سائر العيوب ، فإنها ليست بلازمة ( وجه ) قول من فرق بين الجنون ، وغيره من الأنواع الثلاثة أن الجنون لفساد في محل العقد ، وهو الدماغ ، وهذا مما لا زوال له عادة إذا ثبت ، ولهذا قال : إن الجنون عيب لازم بخلاف الإباق ، والبول في الفراش أنها ليست بلازمة بل تحتمل الزوال لزوال أسبابها . محمد
( وجه ) قول العامة قول نصا في الجامع الصغير ، فإنه ذكر فيه أنه لا يثبت للمشتري حق الرد في هذه العيوب الأربعة إلا بعد ثبوتها عنده ، فكان المعنى فيه أن الثابت عند البائع محتمل الزوال قابل الارتفاع ، فأما ما سوى العيوب الأربعة لا شك فيه ، وكذلك العيوب الأربعة ; لأن حدوثها في الذات للأسباب الموجبة للحدوث ، وهي محتملة للزوال ، فكانت هي محتملة للزوال لاحتمال زوال أسبابها ، فإن بقيت يثبت حق الرد ، وإن ارتفعت لا يثبت ، فلا يثبت حق الرد بالاحتمال ، فلا بد من ثبوتها عند المشتري ; ليعلم أنها قائمة ، وقول القائل الجنون إذا ثبت لا يزول عادة ممنوع ، فإن المجنون قد يفيق ، ويزول جنونه بحيث لا يعود إليه ، فما لم يوجد عند المشتري لا يعلم بقاؤه ، كما في الأنواع الأخر إلا أن الفرق بين الجنون وغيره من الأنواع الثلاثة من وجه آخر ، وهو أن هناك يشترط اتحاد الحالة لثبوت حق الرد . محمد
وهو أن يكون وجودها عند البائع والمشتري في حالة الصغر أو في حال الكبر حتى لو أبق أو سرق أو بال في الفراش عند البائع ، وهو صغير عاقل ، ثم كان ذلك في يد المشتري بعد البلوغ لا يثبت له حق الرد ، وفي الجنون اتحاد الحالة ليس بشرط ، وإنما كان كذلك ; لأن اختلاف الحال في العيوب الثلاث يوجب اختلاف السبب ; لأن سبب البول على الفراش في حال الصغر هو ضعف في المثانة ، وفي الكبر هو داء في الباطن ، والسبب في الإباق ، والسرقة في الصغر هو الجهل ، وقلة التمييز ، وفي الكبر الشرارة وخبث الطبيعة ، واختلاف السبب يوجب اختلاف الحكم ، فكان الموجود في يد المشتري بعد البلوغ غير الموجود في يد البائع ، فكان عيبا حادثا ، وأنه يمنع الرد بالعيب الحادث بخلاف الجنون ; لأن سببه في الحالين واحد لا يختلف ، وهو فساد في محل العقل ، وهو الدماغ ، فكان الموجود في حالة الكبر عين الموجود في حالة الصغر ، وهذا والله عز وجل أعلم .
معنى قول في الكتاب الجنون عيب لازم أبدا لا ما قاله أولئك ، والله عز وجل الموفق ( ومنها ) عقل الصبي في الإباق ، والسرقة والبول على الفراش حتى لو محمد لا يثبت له حق الرد ، وهذا إذا فعل ذلك في يد البائع ، وهو صغير لا يعقل ، ثم وجد ذلك في يد المشتري بعد ما عقل ; لأن الموجود في يد البائع ليس بعيب ، ولا بد من وجود العيب في يده ( ومنها ) اتحاد الحال في العيوب الثلاثة ، فإن اختلف لم يثبت حق الرد بأن أبق أو سرق أو بال على الفراش في يد البائع ، وهو صغير لا يعقل ، ثم كان ذلك في يد المشتري ، وهو كذلك ; لأن اختلاف الحال دليل اختلاف سبب العيب على ما بينا ، واختلاف سبب العيب يوجب اختلاف العيب ، فكان الموجود بعد البلوغ عيبا حادثا عند الرد ، والله عز وجل أعلم . أبق أو سرق أو بال على الفراش في يد البائع ، وهو صغير عاقل ، ثم كان ذلك في يد المشتري بعد البلوغ
( ومنها ) ، فإن كان عالما به عند أحدهما ، فلا خيار له ; لأن الإقدام على الشراء مع العلم بالعيب رضا به دلالة ، وكذا إذا لم يعلم عند العقد ، ثم علم بعده قبل القبض ; لأن تمام الصفقة متعلق بالقبض ، فكان العلم عند القبض كالعلم عند العقد ( ومنها ) جهل المشتري بوجود العيب عند العقد والقبض عندنا حتى لو شرط ، فلا خيار للمشتري ; لأن شرط البراءة عن العيب في البيع عندنا صحيح ، فإذا أبرأه ، فقد أسقط حق نفسه ، فصح الإسقاط ، فيسقط ضرورة . عدم اشتراط البراءة عن العيب في البيع