( فصل ) :
وأما الشرائط : فأنواع : بعضها يرجع إلى الموكل ، وبعضها يرجع إلى الوكيل ، وبعضها يرجع إلى الموكل به ، أما فهو أن يكون ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه ; لأن التوكيل تفويض ما يملكه من التصرف إلى غيره ، فما لا يملكه بنفسه ، كيف يحتمل التفويض إلى غيره ؟ فلا يصح الذي يرجع إلى الموكل أصلا ; لأن العقل من شرائط الأهلية ألا ترى أنهما لا يملكان التصرف بأنفسهما ؟ وكذا من الصبي العاقل بما لا يملكه بنفسه ، كالطلاق ، والعتاق ، والهبة ، والصدقة ، ونحوها من التصرفات الضارة المحضة ، ويصح بالتصرفات النافذة : كقبول الهبة ، والصدقة ، من غير إذن المولى ; لأنه مما يملكه بنفسه بدون إذن وليه ، فيملك تفويضه إلى غيره بالتوكيل . التوكيل من المجنون ، والصبي الذي لا يعقل
وأما التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع : كالبيع ، والإجارة ; فإن كان مأذونا له في التجارة يصح منه التوكيل بها ; لأنه يملكها بنفسه وإن كان محجورا ينعقد موقوفا على إجازة وليه ، وعلى إذن وليه بالتجارة أيضا ، كما إذا فعل بنفسه ; لأن في انعقاده فائدة ، لوجود المجيز للحال ، وهو الولي .
ولا يصح من العبد المحجور ، ويصح من المأذون ، والمكاتب ; لأنهما يملكان بأنفسهما ، فيملكان بالتفويض إلى غيرهما بخلاف المحجور وأما فموقوف : إن أسلم ينفذ ، وإن قتل ، أو مات على الردة ، أو لحق بدار الحرب ، يبطل عند التوكيل من المرتد : وعند أبي حنيفة أبي يوسف هو نافذ ، بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده لوقوف أملاكه ، وعندهما نافذة لثبوت أملاكه ويجوز ومحمد بالإجماع ; لأن تصرفاتها نافذة بلا خلاف . التوكيل من المرتدة