والثاني ، ما يستحقه المضارب بعمله في المضاربة الصحيحة وهو وإنما يظهر الربح بالقسمة الربح المسمى إن كان في المضاربة ربح ، قبض رأس المال ، فلا تصح قسمة الربح قبل قبض رأس المال ، حتى لو دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف ، فربح ألفا فاقتسما الربح ، ورأس المال في يد المضارب لم يقبضه رب المال فهلكت الألف التي في يد المضارب بعد قسمتهما الربح ، فإن القسمة الأولى لم تصح ، وما قبض رب المال فهو محسوب عليه من رأس ماله ، وما قبضه المضارب دين عليه يرده إلى رب المال ، حتى يستوفي رب المال رأس ماله ، ولا تصح قسمة الربح حتى يستوفي رب المال رأس المال . وشرط جواز القسمة
والأصل في اعتبار هذا الشرط ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } فدل الحديث على أن قسمة الربح قبل قبض رأس المال لا تصح ; ولأن الربح زيادة ، والزيادة على الشيء لا تكون إلا بعد سلامة الأصل ، ولأن المال إذا بقي في يد المضارب فحكم المضاربة بحالها ، فلو صححنا قسمة الربح لثبتت قسمة الفرع قبل الأصل ، فهذا لا يجوز وإذا لم تصح [ ص: 108 ] القسمة ، فإذا هلك ما في يد المضارب ، صار الذي اقتسماه هو رأس المال ، فوجب على المضارب أن يرد منه تمام رأس المال ، فإن قبض رب المال ألف درهم ، رأس ماله أولا ، ثم اقتسما الربح ثم رد الألف التي قبضها بعينها إلى يد المضارب على أن يعمل بها بالنصف ، فهذه مضاربة مستقبلة ، فإن هلكت في يده لم تنتقض القسمة الأولى ; لأن رب المال لما استوفى رأس المال فقد انتهت المضاربة ، وصحت القسمة . مثل المؤمن مثل التاجر ، لا يسلم له ربحه حتى يسلم له رأس ماله ، كذلك المؤمن لا تسلم له نوافله حتى تسلم له عزائمه
فإذا رد المال فهذا عقد آخر ، فهلاك المال فيه لا يبطل القسمة في غيره ، ، فإن القسمة باطلة ، وما قبضه رب المال محسوب من رأس المال ، ورد المضارب نصف الألف الذي قبض ; لأنه لما هلك ما في يد المضارب من رأس المال قبل صحة القسمة ، صار ما قبضه رب المال رأس ماله ، وإذا صار ذلك رأس المال تعين الربح فيما قبضه المضارب بالقسمة ، فيكون بينهما على الشرط ، فيجب عليه أن يرد نصفه ، وكذلك إن كان قد هلك ما قبضه المضارب من الربح ، يجب عليه أن يرد نصفه ; لأنه تبين أنه قبض نصيب رب المال من الربح لنفسه ، فصار ذلك مضمونا عليه ولو هلك ما قبض رب المال لم يتعين بهلاكه شيء ; لأن ما هلك بعد القبض يهلك في ضمان القابض ، فبقاؤه وهلاكه سواء . ولو كان الربح في المضاربة الأولى ألفين ، واقتسما الربح ، فأخذ رب المال ألفا والمضارب ألفا ، ثم هلك ما في يد المضارب
قالوا : ولو فالقول قول رب المال ، ويرد المضارب ما قبضه لنفسه تمام رأس المال يحتسب على رأس رب المال بما قبض من رأس ماله ، ويتم له رأس المال بما يرده المضارب ، فإن بقي شيء بعد ذلك مما قبضه المضارب كان بينهما نصفين ، وإنما كان كذلك ; لأن المضارب يدعي أنها رأس المال ، ورب المال ينكر ذلك ، والمضارب وإن كان أمينا لكن القول قول الأمين في إسقاط الضمان عن نفسه ، لا في التسليم إلى غيره ، ولأن المضارب يدعي خلوص ما بقي من المال والربح ، ورب المال يجحد ذلك ، فلا يقبل قول المضارب في الاستحقاق ، فإن أقاما البينة فالبينة بينة المضارب ; لأنها تثبت إيفاء رأس المال . اقتسما الربح ثم اختلفا ، فقال المضارب : قد كنت دفعت إليك رأس المال قبل القسمة وقال رب المال : لم أقبض رأس المال قبل ذلك
ولا يقال : الظاهر شاهد للمضارب فيما ادعاه من إيفاء رأس المال ، إذ الربح لا يكون إلا بعد الإيفاء ، إذ هو شرط صحة قسمة الربح ; لأنا نقول قد جرت عادة التجار بالمقاسمة مع بقاء رأس المال في يد المضارب ، فلم يكن الظاهر شاهدا للمضارب .
وذكر في نوادره عن ابن سماعة أبي يوسف فإنهما يحتسبان برأس المال ، ألف درهم يوم يحتسبان ، والربح بينهما نصفان ، ولا يكون ما أخذ رب المال من النفقة نقصانا من رأس المال ولكنهما يحتسبا رأس المال ألفا من جميع المال ، وما بقي من ذلك فهو بينهما نصفان ; لأنا لو جعلنا المقبوض من رأس المال بطلت المضاربة ; لأن استرجاع رب المال رأس ماله يوجب بطلان المضاربة ، وهما لم يقصدا إبطالها ، فيجعل رأس المال فيما بقي ; لئلا يبطل ، هذا إذا كان في المضاربة ربح ، فإن لم يكن فيها ربح فلا شيء للمضارب ; لأن الشرط قد صح ، فلا يستحق إلا ما شرط ، وهو الربح ولم يوجد . في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة صحيحة ، ثم جعل رب المال يأخذ الخمسين والعشرين لنفقته ، والمضارب يعمل بالنفقة ويتربح فيما يشتري ويبيع ، ثم احتسبا