( ومنها ) حتى لا تقبل فيها الشهادة بطريق النيابة ، وهي الشهادة على الشهادة عندنا ، كذا لا يقبل فيها كتاب القاضي إلى القاضي ; لأنه في معنى الشهادة على الشهادة ، وعند الأصالة في الشهادة على الحدود والقصاص ، - رحمه الله - ليس بشرط ، حتى تقبل فيها الشهادة على الشهادة ، وأجمعوا على أنها ليست بشرط في الأموال والحقوق المجردة عنها ; فتقبل فيها الشهادة على الشهادة ، وكتاب القاضي إلى القاضي ، إلا في العبد الآبق عند الشافعي أبي حنيفة ، وعند ومحمد تقبل فيه أيضا على ما نذكر في كتاب أدب القاضي ( وجه ) قول أبي يوسف - رحمه الله - أن الفروع يؤدون الشهادة نيابة عن الأصول ، فكانت شهادتهم شهادة الأصول معنى ، وشهادة الأصول على الحدود والقصاص مقبولة . الشافعي
( ولنا ) أن الحدود والقصاص مما تدرأ بالشبهات ، والشهادة على الشهادة لا تخلو عن شبهة ، ولهذا لا تقبل فيها شهادة النساء لتمكن الشبهة في شهادتهن بسبب السهو والغفلة ، بل أولى ; لأن الشبهة هنا تمكنت في مجلس ، فكان فيها زيادة ليست في شهادة الأصول ; ولأن الحدود لما كانت مبنية على الدرء أوجب ذلك اختصاصها بحجج مخصوصة ، بل إيقاف إقامتها ، ولهذا شرط عدد الأربعة في الشهادة على الزنا ; لأن اطلاع أربعة من الرجال الأحرار على غيبوبة ذكره في فرجها ، كما يغيب الميل في المكحلة نادر غاية الندرة ، ثم نقول الكلام في الشهادة على الشهادة يقع في مواضع : في صورة تحمل الشهادة على الشهادة ، وفي شرائط التحمل ، وفي صورة أداء الشهادة على الشهادة ، وفي شرائط الأداء أما صورة التحمل فلها عبارتان : مختصرة ، ومطولة ، أما اللفظ المختصر فهو أن يقول شاهد الأصل : " أشهد على شهادتي أني أشهد أن لفلان على فلان كذا " ، أو يقول : " أشهد أن لفلان على فلان كذا ، فأشهد على شهادتي بذلك " .
وأما المطول فهو أن يقول شاهد الأصل : " أشهد أن لفلان على فلان كذا ، أشهدك على شهادتي هذه وآمرك أن تشهد على شهادتي هذه فاشهد " .