وفي بيان مقدار الاستحقاق . من يستحق السهم منه ومن لا يستحق
أما الأول فالذي يستحق السهم منها هو الرجل المسلم المقاتل ، وهو أن يكون من أهل القتال ، ودخل دار الحرب على قصد القتال ، وسواء قاتل أو لم يقاتل ; لأن الجهاد والقتال إرهاب العدو ، وذا كما يحصل بمباشرة القتل يحصل بثبات القدم في صف القتال ردا للمقاتلة خشية كر العدو عليهم وكذا روي أن أصحاب بدر كانوا ثلاثا : ثلث في نحر العدو ويقتلون ويأسرون ، وثلث يجمعون الغنائم ، وثلث يكونون ردا لهم خشية كر العدو عليهم .
وسواء كان مريضا أو صحيحا ، شابا أو شيخا حرا أو عبدا مأذونا بالقتال ; لأنهم من أهل القتال .
( فأما ) المرأة والصبي العاقل ، والذمي والعبد المحجور ، فليس لهم سهم كامل ; لأنهم ليسوا من أهل القتال ألا ترى أنه لا يجب القتال على الصبي والذمي أصلا ؟ ولا يجب على المرأة والعبد إلا عند الضرورة ؟ وهي ضرورة عموم النفير ، ولذلك لم يستحقوا كمال السهم ، ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام وكذا روي أنه عليه الصلاة والسلام { كان لا يعطي العبيد والصبيان والنسوان سهما كاملا من الغنائم } .
وكذا لا سهم للتاجر ; لأنه لم يدخل الدار على قصد القتال إلا إذا قاتل مع العسكر ، فإنه يستحق ما يستحقه العسكر ; لأنه تبين أنه دخل الدار على قصد القتال فكان مقاتلا ، ولا سهم للأجير لانعدام الدخول على قصد القتال ، فإن قاتل نظر في ذلك إن ترك الخدمة فقد دخل في جملة العسكر ، وإن لم يترك فلا شيء له أصلا ; لأنه إذا لم يترك تبين أنه لم يدخل على قصد القتال والله - سبحانه وتعالى - أعلم .