( والكلام في الاستنجاء ) في مواضع في ، وفي بيان ما يستنجى به ، وفي بيان ما يستنجى منه . بيان صفة الاستنجاء
أما الأول : فالاستنجاء سنة عندنا ، وعند فرض ، حتى لو ترك الاستنجاء أصلا جازت صلاته عندنا ، ولكن مع الكراهة ، وعنده لا يجوز ، والكلام فيه راجع إلى أصل نذكره إن شاء الله تعالى ، وهو أن الشافعي عفو في حق جواز الصلاة عندنا ، وعنده ليس بعفو ، ثم ناقض في الاستنجاء فقال : إذا استنجى بالأحجار ، ولم يغسل موضع الاستنجاء جازت صلاته ، وإن تيقنا ببقاء شيء من النجاسة ، إذ الحجر لا يستأصل النجاسة ، وإنما يقللها وهذا تناقض ظاهر ، ثم ابتداء الدليل على أن الاستنجاء ليس بفرض ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { قليل النجاسة الحقيقية في الثوب والبدن } ، والاستدلال به من وجهين : أحدهما أنه نفى الحرج في تركه ، ولو كان فرضا لكان في تركه حرج ، والثاني : أنه قال : " من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج " ومثل هذا لا يقال في المفروض ، وإنما يقال في المندوب إليه ، والمستحب ، إلا أنه إذا ترك الاستنجاء أصلا ، وصلى يكره ; لأن قليل النجاسة جعل عفوا في حق جواز الصلاة دون الكراهة ، وإذا استنجى زالت الكراهة لأن الاستنجاء بالأحجار أقيم مقام الغسل بالماء شرعا للضرورة إذ الإنسان قد لا يجد سترة ، أو مكانا خاليا للغسل ، وكشف العورة حرام فأقيم الاستنجاء مقام الغسل فتزول به الكراهة كما تزول بالغسل وقد روي عن من استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج رضي الله عنه أن { ابن مسعود النبي صلى الله عليه وسلم كان يستنجي بالأحجار } ، ولا يظن به أداء الصلاة مع الكراهة .