أما إذا دخل المسجد وشرع في الصلاة ثم أخذ المؤذن في الإقامة فهذا أيضا على وجهين إما إن شرع في التطوع وإما إن شرع في الفرض ، فإن أتم الشفع الذي هو فيه ، ولا يزيد عليه أما إتمام الشفع ، فلأن صونه عن البطلان واجب ، وقد أمكنه ذلك ولا يزيد عليه ; لأنه لا يلزمه بالشروع في التطوع زيادة على الشفع فكانت الزيادة عليه كابتداء تطوع آخر . شرع في التطوع ثم أقيمت الصلاة
وقد ذكرنا أن ابتداء التطوع في المسجد بعد الإقامة مكروه .
وأما إذا فإن كان في صلاة الفجر يقطعها ما لم يقيد الثانية بالسجدة ; لأن القطع وإن كان نقصا صورة فليس بنقص معنى لأنه للأداء على وجه الأكمل ، والهدم ليبني أكمل يعد إصلاحا لا هدما ، ألا ترى أن من هدم مسجدا ليبني أحسن من الأول لا يأثم ، وإذا قيد الثانية بالسجدة لم يقطع ; لأنه أتى بالأكثر وللأكثر حكم الكل ، والفرض بعد إتمامه لا يحتمل الانتقاض ، ولا يدخل في صلاة الإمام ; لأن التنفل بعد صلاة الفجر مكروه وإن كان في صلاة الظهر فإن كان صلى ركعة ضم إليها أخرى ، لأنه يمكنه صون المؤدى واستدراك فضيلة الجماعة ; لأن { شرع في الفرض ثم أقيمت الصلاة } [ ص: 287 ] على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن صلى ركعتين تشهد وسلم لما قلنا ، وكذا إذا قام إلى الثالثة قبل أن يقيدها بالسجدة يعود إلى التشهد ويسلم ، ولا يسلم على حاله قائما ; لأن ما أتى به من القعدة كانت سنة ، وقعدة الختم فرض فعليه أن يعود إلى القعدة ثم يسلم ليكون متنفلا بركعتين ، فإن كان قيد الثالثة بالسجدة أتمها ; لأنه أدى الأكثر فلا يمكنه القطع ، ويدخل مع الإمام فيجعلها تطوعا لما روي { صلاة الرجل بالجماعة تزيد على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة مسجد الخيف فرأى رجلين خلف الصف فقال علي بهما فجيء بهما ترتعد فرائصهما فقال ما لكما لم تصليا معنا فقالا : كنا صلينا في رحالنا فقال : صلى الله عليه وسلم إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما إمام قوم فصليا معه واجعلا ذلك سبحة } أي : نافلة وكان ذلك في الظهر كذا روي عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في في الإملاء ولو كان في الركعة الأولى ولم يقيدها بالسجدة لم يذكر في الكتاب ، والصحيح أنه يقطعها ليدخل مع الإمام فيحرز ثواب تكبيرة الافتتاح ; لأن ما دون الركعة ليس له حكم الصلاة ، ألا ترى أنه يعود من الركعة الثالثة ما لم يقيدها بالسجدة ، وكذا الجواب في العصر والعشاء إلا أنه لا يدخل في العصر مع الإمام ; لأن التنفل بعده مكروه ، ويخرج من المسجد ; لأن المخالفة في الخروج أقل منها في المكث . أبي يوسف
وأما في المغرب فإن صلى ركعة قطعها ; لأنه لو ضم إليها أخرى لأدى الأكثر فلا يمكنه القطع .
ولو قطع كان به متنفلا بركعتين قبل المغرب ، وهو منهي عنه وإن قيد الثالثة بالسجدة مضى فيها لما قلنا ، ولا يدخل مع الإمام ; لأنه لا يخلو إما أن يقتصر على الثلاث كما يفعله الإمام ، والتنفل بالثلاث غير مشروع ، وإما أن يصلي أربعا فيصير مخالفا لإمامه ، وعن أنه يدخل مع الإمام فإذا فرغ الإمام يصلي ركعة أخرى لتصير شفعا له ، وقال أبي يوسف : يسلم مع الإمام ; لأن هذا التغيير بحكم الاقتداء وذلك جائز كالمسبوق يدرك الإمام في القعدة أنه يقعد معه وابتداء الصلاة لا يكون بالقعدة ثم جاز هذا التغيير بحكم الاقتداء ، كذا هذا فإن دخل مع الإمام صلى أربعا كما قال بشر المريسي ; لأن بالقيام إلى الركعة الثانية صار ملتزما للركعتين لخروج الركعة الواحدة عن جواز التنفل بها ، قال أبو يوسف : والله ما أجزأت ركعة قط فلذلك يتم أربعا لو دخل مع الإمام ، هذا إذا كان لم يصل المكتوبة ، فإن كان قد صلاها ثم دخل المسجد فإن كان صلاة لا يكره التطوع بعدها شرع في صلاة الإمام وإلا فلا . ابن مسعود