مطلب غسل اليدين 
( والثاني ) : غسل اليدين  مرة واحدة لقوله تعالى { وأيديكم    } ومطلق الأمر لا يقتضي التكرار . 
والمرفقان يدخلان في الغسل  عند أصحابنا الثلاثة   ، وعند  زفر  لا يدخلان ، ولو قطعت يده من المرفق ، يجب عليه غسل موضع القطع  عندنا خلافا له . 
وجه قوله أن الله تعالى جعل المرفق غاية ، فلا يدخل تحت ما جعلت له الغاية ، كما لا يدخل الليل تحت الأمر بالصوم في قوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل    } . 
( ولنا ) أن الأمر تعلق بغسل اليد ، واليد اسم لهذه الجارحة من رءوس الأصابع إلى الإبط ، ولولا ذكر المرفق لوجب غسل اليد كلها ، فكان ذكر المرفق لإسقاط الحكم عما وراءه ، لا لمد الحكم إليه ، لدخوله تحت مطلق اسم اليد ، فيكون عملا باللفظ بالقدر الممكن ، وبه تبين أن المرفق لا يصلح غاية لحكم ثبت في اليد ، لكونه بعض اليد ، بخلاف الليل في باب الصوم ، ألا ترى أنه لولا ذكر الليل لما اقتضى الأمر إلا وجوب صوم ساعة ، فكان ذكر الليل لمد الحكم إليه ; على أن الغايات منقسمة ، منها ما لا يدخل تحت ما ضربت له الغاية ، ومنها ما يدخل ، كمن قال : رأيت فلانا من رأسه إلى قدمه ، وأكلت السمكة من رأسها إلى ذنبها ، دخل القدم ، والذنب ، فإن كانت هذه الغاية من القسم الأول لا يجب غسلهما ، وإن كانت من القسم الثاني يجب ، فيحمل على الثاني احتياطا ، على أنه إذا احتمل دخول المرافق في الأمر بالغسل ، واحتمل خروجها عنه صار مجملا مفتقرا إلى البيان . 
وقد روى  جابر  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان إذا بلغ المرفقين في الوضوء أدار الماء عليهما ،   } فكان فعله بيانا لمجمل الكتاب ، والمجمل إذا التحق به البيان يصير مفسرا من الأصل . 
				
						
						
