ومنها كون المقتول مكلفا ، هو شرط صحة الشهادة في قول أبي حنيفة عنده ، وعند فلا يكون الصبي ، والمجنون شهيدين ، أبي يوسف ليس بشرط ، ويلحقهما حكم الشهادة ، وجه قولهما : أنه مقتول ظلما ولم يخلف بدلا هو مال فكان شهيدا كالبالغ العاقل ، ولأن القتل ظلما لما ، أوجب تطهير من ليس بطاهر لارتكابه المعاصي والذنوب فلأن يوجب تطهير من هو طاهر ، أولى ، ومحمد أن النص ، ورد بسقوط الغسل في حقهم كرامة لهم فلا يجعل ، واردا فيمن لا يساويهم في استحقاق الكرامة . ولأبي حنيفة
وما ذكروا من معنى الطهارة غير سديد ; لأن سقوط الغسل غير مبني على الطهارة بدليل أن الأنبياء - صلوات الله عليهم - غسلوا ، ورسولنا - سيد البشر - صلى الله عليه وسلم غسل ، والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - أطهر خلق الله تعالى فلا ، وجه لتعليق ذلك بالتطهير مع أنه لا ذنب للصبي يطهره السيف فكان القتل في حقه ، والموت حتف أنفه سواء ، ومنها الطهارة عن الجنابة شرط في قول ، وعندهما ليس بشرط حتى لو قتل جنبا لم يكن شهيدا عنده خلافا لهما ، وجه قولهما أن القتل على طريق الشهادة أقيم مقام الغسل كالذكاة أقيمت مقام غسل العروق بدليل أنه يرفع الحدث ، أبي حنيفة ما روي { ولأبي حنيفة استشهد جنبا فغسلته الملائكة حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صاحبكم لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما باله فسئلت صاحبته فقالت : خرج وهو جنب حين سمع الهيعة فقال صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة حنظلة } أشار إلى أن الجنابة علة الغسل ، والمعنى فيه أن الشهادة عرفت مانعة من حلول نجاسة الموت لا رافعة لنجاسته كانت كالذكاة فإنها تمنع من حلول نجاسة الموت فيما كان حلالا إما لا ترفع حرمة كانت ثابتة وهذا ; لأنها عرفت مانعة بخلاف القياس فلا تكون رافعة ; لأن المنع أدون من الرفع فأما الحدث فإنما ترفعه ضرورة المنع ; لأن الموت لا يخلو عن الحدث إذ لا بد من زوال العقل سابقا على الموت فيثبت الحدث لا محالة ، والشهادة مانعة من نجاسة الموت فلو لم يرتفع الحدث بالشهادة لاحتيج إلى غسل أعضاء الطهارة فلم يظهر أثر منع الشهادة حلول النجاسة فقلنا : إن الشهادة ترفع ذلك الحدث لهذه الضرورة ، ولا ضرورة في الجنابة ; لأنها لا توجد لا محالة لينعدم أثر الشهادة بل توجد في الندرة فلم يرفع . أن