وعلى هذا أنه يكون حدثا ، وإن كان أقل من ملء الفم لا يكون حدثا ، وعند خروج القيء ملء الفم يكون حدثا قل ، أو كثر ، ووجه البناء على هذا الأصل أن الفم له حكم الظاهر ، عنده بدليل أن الصائم إذا تمضمض لا يفسد صومه فإذا ، وصل القيء إليه فقد [ ص: 26 ] ظهر النجس من الآدمي الحي فيكون حدثا ، وإنا نقول له مع الظاهر حكم الظاهر كما ذكره زفر وله مع الباطن حكم الباطن بدليل أن الصائم إذا ابتلع ريقه لا يفسد صومه ، فلا يكون الخروج إلى الفم حدثا ، لأنه انتقال من بعض الباطن إلى بعض ، وإنما الحدث هو الخروج من الفم ; لأنه انتقال من الباطن إلى الظاهر ، والخروج لا يتحقق في القليل ; لأنه يمكن رده ، وإمساكه ، فلا يخرج بقوة نفسه بل بالإخراج ، فلا يوجد السيلان ، ويتحقق في الكثير ، لأنه لا يمكن رده ، وإمساكه فكان خارجا بقوة نفسه لا بالإخراج فيوجد السيلان . زفر
ثم نتكلم في المسألة ابتداء فحجة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { زفر } من غير فصل بين القليل ، والكثير ، ولأن الحدث اسم لخروج النجس وقد وجد لأن القليل خارج نجس كالكثير فيستوي فيه القليل ، والكثير كالخارج من السبيلين . القلس حدث
( ولنا ) ما روي عن رضي الله عنه موقوفا عليه ، ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { علي عد الأحداث جملة وقال فيها أود سعة تملأ الفم } ، ولو كان القليل حدثا لعدة عند عد الأحداث كلها ( وأما ) الحديث فالمراد منه القيء ملء الفم ; لأن المطلق ينصرف إلى المتعارف ، وهو القيء ملء الفم ، أو يحمل على هذا توفيقا بين الحديثين صيانة لهما عن التناقض وقوله وجد خروج النجس في القليل قلنا إن سلمنا ذلك ففي قليل القيء ضرورة ، لأن الإنسان لا يخلو منه خصوصا حال الامتلاء ، ومن صاحب السعال ، ولو جعل حدثا لوقع الناس في الحرج ، والله تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج ، ولا ضرورة في القليل من السبيلين ، ولا فرق بين أن يكون القيء مرة صفراء أو سوداء ، وبين أن يكون طعاما أو ماء صافيا ، لأن الحدث اسم لخروج النجس ، والطعام ، أو الماء نجسا لاختلاطه بنجاسات المعدة ، ولم يذكر في ظاهر الرواية . تفسير ملء الفم
وقال أبو علي الدقاق هو أن يمنعه من الكلام ، وعن هو أن يعجز عن إمساكه ورده ، وعليه اعتمد الشيخ الحسن بن زياد أبو منصور وهو الصحيح ، لأن ما قدر على إمساكه ورده فخروجه لا يكون بقوة نفسه بل بالإخراج ، فلا يكون سائلا ، وما عجز عن إمساكه ورده فخروجه يكون بقوة نفسه فيكون سائلا ، والحكم متعلق بالسيلان ، ولو قاء أقل من ملء الفم مرارا هل يجمع ، ويعتبر حدثا لم يذكر في ظاهر الرواية .
وروي عن أنه إن كان في مجلس واحد يجمع ، وإلا ، فلا ، وروي عن أبي يوسف أنه إن كان بسبب غثيان واحد يجمع ، وإلا ، فلا وقال محمد أبو علي الدقاق يجمع كيفما كان وجه قول أن المجلس جعل في الشرع جامعا لأشياء متفرقة كما في باب البيع ، وسجدة التلاوة ، ونحو ذلك وقول أبي يوسف أظهر ، لأن اعتبار المجلس اعتبار المكان ، واعتبار الغثيان اعتبار السبب ، والوجود يضاف إلى السبب لا إلى المكان . محمد