ولو نوى في ; لم تصح نيته ويلزمه الاعتكاف شهرا بالأيام والليالي جميعا ; لأن الشهر اسم لزمان مقدر بثلاثين يوما وليلة مركب من شيئين مختلفين كل واحد منهما أصل في نفسه كالبلق ، فإذا أراد أحدهما ; فقد أراد بالاسم ما لم يوضع له ولا احتمله فبطل ، كمن ذكر البلق وعنى به البياض دون السواد فلم تصادف النية محلها فلغت . قوله : لله علي أن أعتكف شهرا النهار دون الليل
وهذا بخلاف اسم الخاتم فإنه اسم للحلقة بطريق الأصالة ، والفص كالتابع لها ; لأنه مركب فيها زينة لها ; فكان كالوصف لها فجاز أن يذكر الخاتم ويراد به الحلقة .
فأما ههنا فكل واحد من الزمانين أصل فلم ينطلق الاسم على أحدهما بخلاف ما إذا قال : لله علي أن أصوم شهرا حيث انصرف إلى النهار دون الليالي ; لأن هناك أيضا لا نقول : إن اسم الشهر تناول النهار دون الليالي ; لما ذكرنا من الاستحالة ، بل تناول النهار والليالي جميعا ; فكان مضيفا النذر بالصوم إلى الليالي والنهار جميعا معا غير أن الليالي ليست محلا لإضافة النذر بالصوم إليها فلم تصادف النية محلها فلغا ذكر الليالي والنهار محل لذلك ; فصحت الإضافة إليها على الأصل المعهود أن التصرف المصادف لمحله يصح ، والمصادف لغير محله يلغو ، فأما في الاعتكاف فكل واحد منهما محل ، ولو قال : لله [ ص: 112 ] علي أن أعتكف شهرا النهار دون الليل ; يلزمه كما التزم .
وهو اعتكاف شهر بالأيام دون الليالي ; لأنه لما قال : النهار دون الليل ; فقد لغا ذكر الشهر بنص كلامه ، كمن قال : رأيت فرسا أبلق للبياض منه دون السواد ; وكان هو بالخيار : إن شاء تابع وإن شاء فرق ; لأنه تلفظ بالنهار .
والأصل فيه أن كل اعتكاف وجب في الأيام دون الليالي ; فصاحبه فيه بالخيار : إن شاء تابع وإن شاء فرق .
وكل اعتكاف وجب في الأيام والليالي جميعا : يلزمه اعتكاف شهر يصومه متتابعا .
ولو أوجب على نفسه اعتكاف شهر بعينه بأن قال : لله علي أن أعتكف رجب ; يلزمه أن يعتكف فيه يصومه متتابعا ، وإن أفطر يوما أو يومين ; فعليه قضاء ذلك ولا يلزمه قضاء ما صح اعتكافه فيه كما إذا أوجب على نفسه صوم رجب على ما ذكرنا في كتاب الصوم .
فإن لم يعتكف في رجب حتى مضى ; يلزمه اعتكاف شهر يصومه متتابعا ; لأنه لما مضى رجب من غير اعتكاف ; صار في ذمته اعتكاف شهر بغير عينه فيلزمه مراعاة صفة التتابع فيه كما إذا أوجب على نفسه اعتكاف شهر بغير عينه ابتداء بأن قال : لله علي أن أعتكف شهرا .
ولو أوجب اعتكاف شهر بعينه فاعتكف شهرا قبله عن نذره بأن قال : لله علي أن أعتكف رجبا فاعتكف شهر ربيع الآخر ; أجزأه عن نذره عند وعند أبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يجزئه . محمد
وهو على الاختلاف في النذر بالصوم في شهر معين فصام قبله ونذكر المسألة في كتاب النذر إن شاء الله تعالى .