ولو فسد اعتكافه ; لأن الجماع من محظورات الاعتكاف لقوله تعالى { جامع في حال الاعتكاف ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } قيل : المباشرة كناية عن الجماع كذا روي عن رضي الله عنه أن ما ذكر الله عز وجل في القرآن من المباشرة والرفث والغشيان فإنما عنى به الجماع لكن الله تعالى حيي كريم يكني بما شاء ; دلت الآية على أن الجماع محظور في الاعتكاف ; فإن حظر الجماع على المعتكف ليس لمكان المسجد بل لمكان الاعتكاف وإن كان ظاهر النهي عن المباشرة في حال الاعتكاف في المسجد بقوله عز وجل { ابن عباس ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ; لأن الآية الكريمة [ ص: 116 ] نزلت في قوم كانوا يعتكفون في المساجد وكانوا يخرجون يقضون حاجتهم في الجماع ثم يغتسلون ثم يرجعون إلى معتكفهم لا أنهم كانوا يجامعون في المساجد لينهوا عن ذلك ، بل المساجد في قلوبهم كانت أجل وأعظم من أن يجعلوها مكانا لوطء نسائهم فثبت أن النهي عن المباشرة في حال الاعتكاف لأجل الاعتكاف ; فكان الجماع من محظورات الاعتكاف فيوجب فساده سواء جامع ليلا أو نهارا ; لأن النص مطلق فكان الجماع من محظورات الاعتكاف ليلا ونهارا ، وسواء كان عامدا أو ناسيا بخلاف الصوم فإن جماع الناسي لا يفسد الصوم والنسيان لم يجعل عذر في باب الاعتكاف وجعل عذرا في باب الصوم .
والفرق من وجهين : أحدهما أن الأصل أن لا يكون عذرا ; لأن فعل الناسي مقدور الامتناع عنه في الجملة إذ الوقوع فيه لا يكون إلا لنوع تقصير ولهذا كان النسيان جابر المؤاخذة عليه عندنا وإنما رفعت المؤاخذة ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ولهذا لم يجعل عذرا في باب الصلاة إلا أنه جعل عذرا في باب الصوم بالنص فيقتصر عليه .