فأما فليست من شرائط الجواز بالإجماع فلا يفترض تحصيلها ، ولا تجب أيضا لكنه سنة حتى الطهارة عن النجس جاز ، ولا يلزمه شيء إلا أنه يكره . لو طاف ، وعلى ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم
وأما ستر العورة فهو مثل الطهارة عن الحدث ، والجنابة أي إنه ليس بشرط الجواز ، وليس بفرض لكنه ، واجب عندنا حتى لو فعليه الإعادة ما دام طاف عريانا بمكة فإن رجع إلى أهله فعليه الدم .
وعند شرط الجواز كالطهارة عن الحدث ، والجنابة ، وحجته ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الشافعي } الطواف صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام
وستر العورة من شرائط جواز الصلاة ، وحجتنا قوله تعالى : { ، وليطوفوا بالبيت العتيق } أمر بالطواف مطلقا عن شرط الستر فيجرى على إطلاقه ، والجواب عن تعلقه بالحديث على نحو ما ذكرنا في الطهارة والفرق بين ستر العورة ، وبين الطهارة عن النجاسة أن المنع من الطواف مع الثوب النجس ليس لأجل الطواف بل لأجل المسجد ، وهو صيانته عن إدخال النجاسة فيه ، وصيانته عن تلويثه فلا يوجب ذلك نقصانا في الطواف فلا حاجة إلى الجبر .
فأما المنع من الطواف عريانا فلأجل الطواف لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الطواف عريانا بقوله صلى الله عليه وسلم : { } وإذا كان النهي لمكان الطواف تمكن فيه النقص فيجب جبره بالدم لكن بالشاة لا بالبدنة ; لأن النقص فيه كالنقص بالحدث لا كالنقص بالجنابة قال ألا لا يطوفن بعد [ ص: 130 ] عامي هذا مشرك ، ولا عريان : ومن طاف تطوعا على شيء من هذه الوجوه فأحب إلينا إن كان محمد بمكة أن يعيد الطواف ، وإن كان قد رجع إلى أهله فعليه صدقة سوى الذي طاف ، وعلى ثوبه نجاسة ; لأن التطوع يصير واجبا بالشروع فيه إلا أنه دون الواجب ابتداء بإيجاب الله تعالى فكان النقص فيه أقل فيجبر بالصدقة ،لا تفسد عليه طوافه ; لأن المحاذاة إنما عرفت مفسدة في الشرع على خلاف القياس في صلاة مطلقة مشتركة ، والطواف ليس بصلاة حقيقة ، ولا اشتراك أيضا ، ومحاذاة المرأة الرجل في الطواف ليست بشرط حتى لو خرج الطائف من طوافه لصلاة جنازة أو مكتوبة أو لتجديد وضوء ثم عاد بنى على طوافه ، ولا يلزمه الاستئناف لقوله تعالى : { والموالاة في الطواف وليطوفوا بالبيت العتيق } مطلقا عن شرط الموالاة .
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { خرج من الطواف ، ودخل السقاية فاستسقى فسقى فشرب ثم عاد ، وبنى على طوافه } ، والله تعالى أعلم .