مطلب مس المصحف ( وأما ) الثاني ، وهو فللحدث أحكام ، وهي أن لا يجوز للمحدث أداء الصلاة لفقد شرط جوازها ، وهو الوضوء قال صلى الله عليه وسلم { بيان حكم الحدث } ، ولا مس المصحف من غير غلاف عندنا ، وعند لا صلاة إلا بوضوء يباح له مس المصحف من غير غلاف وقاس المس على القراءة فقال : يجوز له القراءة فيجوز له المس . الشافعي
( ولنا ) قوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } وقول النبي صلى الله عليه وسلم { } ، ولأن تعظيم القرآن واجب ، وليس من التعظيم مس المصحف بيد حلها حدث ، واعتبار المس بالقراءة غير سديد ، لأن حكم الحدث لم يظهر في الفم وظهر في اليد بدليل أنه افترض غسل اليد ، ولم يفترض غسل الفم في الحدث فبطل الاعتبار ، ولا لا يمس القرآن إلا طاهر ، لأن حرمة المصحف كحرمة ما كتب منه فيستوي فيه الكتابة في المصحف ، وعلى الدراهم ، ولا مس الدراهم التي عليها القرآن ، لأنه يصير بمسه ماسا للقرآن . مس كتاب التفسير
وأما ، فلا بأس به [ ص: 34 ] والمستحب له أن لا يفعل ، ولا يطوف مس كتاب الفقه بالبيت .
وإن طاف جاز مع النقصان لأن الطواف بالبيت شبيه بالصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم { بالبيت صلاة } ، ومعلوم أنه ليس بصلاة حقيقية فلكونه طوافا حقيقة يحكم بالجواز ، ولكونه شبيها بالصلاة يحكم بالكراهة . الطواف
ثم ذكر الغلاف ، ولم يذكر تفسيره ، واختلف المشايخ في تفسيره فقال بعضهم : هو الجلد المتصل بالمصحف وقال بعضهم : هو الكم ، والصحيح أنه الغلاف المنفصل عن المصحف ، وهو الذي يجعل فيه المصحف وقد يكون من الجلد وقد يكون من الثوب ، وهو الخريطة ، لأن المتصل به تبع له فكان مسه مسا للقرآن ، ولهذا لو لبيع المصحف دخل المتصل به في البيع ، والكم تبع للحامل فأما المنفصل فليس بتبع ، حتى لا يدخل في بيع المصحف من غير شرط .
وقال بعض مشايخنا : إنما يكره له ، لأنه لم يمس القرآن حقيقة ، والصحيح أنه يكره مس كله ، لأن الحواشي تابعة للمكتوب فكان مسها مسا للمكتوب ، ويباح له قراءة القرآن لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { مس الموضع المكتوب دون الحواشي } . كان لا يحجزه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة
ويباح له دخول المسجد ، لأن وفود المشركين كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فيدخلون عليه ، ولم يمنعهم من ذلك ، ويجب عليه الصوم ، والصلاة حتى يجب قضاؤهما بالترك لأن الحدث لا ينافي أهلية أداء الصوم ، فلا ينافي أهلية وجوبه ، ولا ينافي أهلية وجوب الصلاة أيضا ، وإن كان ينافي أهلية أدائها ، لأنه يمكنه رفعه بالطهارة .