قال في السرار :
نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادى طرفي نهارها
عشية الهلال أو سرارها
وحدثني محمد بن هارون الثقفي ، عن ، عن علي بن عبد العزيز أبي الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة قال : أسررت الشيء : أخفيته . وأسررته : أعلنته . وقرأ : وأسروا الندامة لما رأوا العذاب . قال : أظهروها . وأنشد قول امرئ القيس :
. . . . . . . . . لو يسرون مقتلي
أي لو يظهرون . ثم حدثني بعض أهل العلم ، عن أبي الحسن عبد الله بن سفيان النحوي قال : قال الفراء : أخطأ أبو عبيدة التفسير ، وصحف في الاستشهاد . أما التفسير فقال : أسرو الندامة أي كتموها خوف الشماتة . وأما التصحيف فإنما قال امرؤ القيس :
[ ص: 68 ]
. . . . . . . . . لو يشرون مقتلي
أي لو يظهرون . يقال أشررت الشيء ، إذا أبرزته ، ومن ذلك قولهم أشررت اللحم للشمس . وقد ذكر هذا في بابه . وأما الذي ذكرناه من محض الشيء وخالصه ومستقره ، فالسر : خالص الشيء . ومنه السرور ; لأنه أمر خال من الحزن . والسرة : سرة الإنسان ، وهو خالص جسمه ولينه . ويقال قطع عن الصبي سرره ، وهو [ السر ] ، وجمعه أسرة . قال أبو زيد : والسرر : الخط من خطوط بطن الراحة . وسرارة الوادي وسره : أجوده . وقال الشاعر :
هلا فوارس رحرحان هجوتهم عشرا تناوح في سرارة واد
يقول : لهم منظر وليس لهم مخبر . والسرر : داء يأخذ البعير في سرته . يقال : بعير أسر . والسر : مصدر سررت الزند ، وذلك أن يبقى أسر ، أي أجوف ، فيصلح . يقال سر زندك فإنه أسر . ويقال قناة سراء ، أي جوفاء . وكل هذا من السرة والسرر ، وقد ذكرناه . فأما الأسارير ، وهي الكسور التي في الجبهة ، فمحمولة على أسارير السرة ، وذلك تكسرها . وفي الحديث : . ومنه أيضا مما هو محمول على ما ذكرناه : الأسرار : خطوط باطن الراحة ، واحدها سر . والأصل في ذلك كله واحد ، قال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على عائشة تبرق أسارير وجهه الأعشى :
[ ص: 69 ]
فانظر إلى كف وأسرارها هل أنت إن أوعدتني ضائري
فأما أطراف الريحان فيجوز أن تسمى سرورا لأنها أرطب شيء فيه وأغضه . وذلك قوله :
كبردية الغيل وسط الغريف إذا خالط الماء منها السرورا
وأما الذي ذكرناه من الاستقرار ، فالسرير ، وجمعه سرر وأسرة . والسرير : خفض العيش ; لأن الإنسان يستقر عنده وعند دعته . وسرير الرأس : مستقره . قال :
ضربا يزيل الهام عن سريره
وناس يروون بيت الأعشى :
إذا خالط الماء منها السريرا
بالياء ، فيكون حينئذ تأويله أصلها الذي استقرت عليه ، وأنشدوا قول القائل :
وفارق منها عيشة دغفلية ولم تخش يوما أن يزول سريرها
والسرر من الصبي والسرر : ما يقطع . والسرة : ما يبقى . ومن الباب السرير : ما على الأكمة من الرمل . [ ص: 70 ] ومن الباب الأول سر النسب ، وهو محضه وأفضله . قال ذوالأصبع :
وهم من ولدوا أشبوا بسر النسب المحض
ويقال السرسور : العالم الفطن ، وأصله من السر ، كأنه اطلع على أسرار الأمور . فأما السرية فقال الخليل : هي فعلية . ويقال يتسرر ، ويقال يتسرى . قال الخليل : ومن قال يتسرى فقد أخطأ . لم يزد الخليل على هذا . وقال السرية من السر ، وهو النكاح ; لأن صاحبها اصطفاها للنكاح لا للتجارة فيها . وهذا الذي قاله الأصمعي ، وذكر الأصمعي في كتابه . فأما ضم السين في السرية فكثير من الأبنية يغير عند النسبة ، فيقال في النسبة إلى الأرض السهلة سهلي ، وينسب إلى طول العمر وامتداد الدهر فيقال دهري . ومثل ذلك كثير . والله أعلم . ابن السكيت